نوتات موسيقية تنبعث من قيثارة مجموعة موسيقية من الطوارق بمالي استطاعت أن تخترق حدود البلاد وتجوب عددا من بلدان الجوار، باعثة برسائل عديدة أبرزها أنّ الأزمة التي يشهدها الشمال لم تأت على الحسّ الموسيقي لأبنائه، وأنهم قادرون، باستخدام ريشة ونوتة، على مقاومة الإرهاب والموت. مجموعة "أمانار" الموسيقية، هكذا أطلق عليها مؤسسها أحمد آغ كاديي البالغ من العمر 35 عاما وهو عازف غيثارة استقر في العاصمة المالية باماكو منذ 12 عاما، يعدد من خلال أغانيه مناقب شعب الطوارق ومشاهد من الحياة اليومية لمنطقة تختلج بين ضلوعه حيثما حل. في حديثه تموج الذكريات في ذهن آغ أكاديي حين يستحضر حيثيات تشكيله لهذه المجموعة الموسيقية منذ بضع سنين، عام 2007، بهدف تمثيل منطقة كيدال في مسابقة وطنية فنية و ثقافية تنتظم مرتين كل سنة بمالي.. ومسيرة آغ أكاديي فنية تخللها صعوده على ركح عدد من المهرجانات المحلية و الدولية وقد عاد الفنان لتوه إلى باماكو من جولة أوروبية فنية حملته إلى هولندا، وكشف عن اعتزامه تسجيل أول ألبوم شخصي له. ويمضي آغ أكاديي متذكرا صعوبة البدايات قائلا: "في انتفاضة 1991 كنت لازلت بباماكو أزوال دراستي الثانوية، ثم انتقلت عام 1995 إلى ليبيا للتدرب مع الثوار، أعرف ماذا تعنيه الثورة، أمور كثيرة كانت عالقة بذهني، غير أني عدت إلى مالي في سنوات ال 2000 أحمل قيثارة وليس سلاحا". وفي المركز الثقافي للطوارق "تومسات" بالعاصمة باماكو، يدلي محمد آغ أوصاد، خبير موسيقى الطوارق بشهادة، وقال من خلالها إنه يعرف جيدا عازف غيثارة مجموعة أمانار وقد استضافه المركز في اكثر من مرة لتقديم حفلات فنية: "موسيقيو كيدال هم حقا شعراء، يغنون للحب و التناغم الاجتماعي وللنجوم. إسم أمانار نفسه، هو إسم لأحد النجوم. أحمد يحاول أن يؤلف بين الناس عبر الموسيقى" يضيف الخبير.. ويلفت أوصاد إلى أن ميزة احمدى الفنية تكمن في الإيقاعات الموسيقية التي يقدمها، وهو لا يغني من أعمال الفنانين الطوارق الآخرين، ولا يقدم فنا يهيم في غياهب الأحلام، بل يغني للحاضر". وتستند المرجعية الموسيقية لآغ أكاديي، على السجل الموسيقي للطوارق المعتمد في أساسه على الغيثارة و الكلمات الثورية الملتصقة بالمعيش اليومي لسكان الصحراء، على أن نغمات الغيثارة الناعمة غلبت خشونة ثورية الخطاب.. ومن بين أغاني أكاديي الشهيرة، "أميندين"، التي تعني، الصديق، يقدم فيها الفنان نصحه لرفاقه ويدعوهم إلى توخي الحذر من الشائعات المغرضة والمدمرة، كما لقيت أغنية "إيفاس" التي تطرقت إلى مشاكل التنمية الاجتماعية و الاقتصادية لشعب الطوارق، نجاحا باهرا. وتتعدد الأغراض الموسيقية في أغنيات آغ أكاديي لتشمل المعيش اليومي لشعبه، كما الحال في أغنية "تاليات ناكالين"، وترجتمها إلى العربية، "إبنة بلدي"، ويدعو من خلالها بنات الطوارق إلى الحفاظ على الألبسة التقليدية كي يبدين اجمل. وشهدت السنين الأخيرة بروز جيل جديد من الفنانين الطوارق ينقلون رسائل توعية بشأن مشاكل شعبهم، من فقر و أمية و مشاكل صحية و ضعف خدمات الرعاية الصحية والجوع، وفي خضم كل ذلك، تطمح مجموعة أمانار لأن تكون حاملة لواء هذا الجيل الجديد. * وكالة أنباء الأناضول