تبقى جهة مراكش التي تضم وفق التقطيع الترابي الجديد، مراكش وشيشاوة والحوز وقلعة السراغنة والصويرة والرحامنة وآسفي واليوسفية، وعلى غرار عدد من جهات المملكة، من أبرز الجهات المثيرة للانتباه والاهتمام الوطني، خاصة وأن المدينة الحمراء تعد قطب رحى السياحة في المغرب، فيما تتنافس على مقاعدها الجماعية والجهوية، أسماء سياسية ثقيلة يمكنها أن تغير في معادلات الخريطة الانتخابية حتى آخر اللحظات. وتأتي الاستحقاقات الانتخابية المقبلة في جهة مراكشآسفي، على إيقاع اكتساح حزب الأصالة والمعاصرة لنتائج انتخابات الغُرَف المهنية التي أجريت قبل أيام في الجهة، بأن حقق ثلاثية تتمثل في فوزه برئاسة غُرف "الصناعة التقليدية" و"التجارة والصناعة والخدمات" وكذا غرفة الفلاحة. أما عمدة مراكش، فاطمة الزهراء المنصوري، التي قدمت ترشيحها ضمن لائحة "البام" بمقاطعة المدينة، فتخوض حملة انتخابية بغرض العودة لولاية ثانية، قي وقت يقود الفرقاء في المدينة الحمراء حرباً سياسية منذ انطلاق الحملة الانتخابية، تتهم خلالها العمدة بما تصفه اختلالات في التدبير في عدد من المشاريع، والترخيص لمشاريع "غير قانونية." وتبقى أبرز الأسماء الحاضرة في الصراع الانتخابي في الجهة، ميلودة حازب رئيس الفريق البرلماني لحزب الجرار، ووكيلة لائحته الجهوية المخصصة للنساء بعمالة مراكش، فضلا عن أحمد اخشيشن، وزير التربية الوطنية السابق، الذي يتقدم لائحة حزب الأصالة والمعاصرة بقلعة السراغنة، حيث مسقط رأسه ومرشحا للانتخابات الجهوية، وهي اللائحة التي تضم أسماء لا تقل أهمية في الحزب، من قبيل عبد الرزاق الورزازي رئيس بلدية العطاوية، وصلاح الدين واعمر، رئيس بلدية سيدي رحال، ونور الدين ايت الحاج، رئيس بلدية قلعة السراغنة. إلى جانب ذلك، يبقى حزب العدالة والتنمية أبرز المنافسين على الانتخابات المقبلة، والذي نزل بكل ثقله الانتخابي، فيما لم يغير كثيرا من وجوهه البارزة خاصة في مراكش، حيث نجد القيادي في الحزب والبرلماني محمد العربي بلقايد، وكيلا للائحة المنارة، والمحامي يونس بنسليمان متصدرا للائحة في المدينة، إلى جانب عبد السلام سي كوري وكيلا عن جيليز، وهي اللوائح ومثيلتها في باقي مناطق الجهة التي ضمت أسماء شابة جديدة. ويبقى حزب التجمع الوطني للأحرار أيضا فاعلا أساسيا في التنافس الانتخابي، في استمرار ترشيحه لأسماء معروفة على مستوى الجهة وسبق لها خوض تجربة التدبير الجماعي، من قبيل المستشار البرلماني عبد العزيز البنين، ومحمد توفيق الحوري، نائب رئيس مجلس الجهة حاليا؛ أما حزب الاتحاد الدستوري، ضمن لائحته الجهوية عبد المجيد الدمناتي، أمينه الجهوي ونائب عمدة مراكش، إلى جانب خالد الفرناوي، نائب رئيس مجلس جهة مراكش، دون نسيان أبرز الأسماء السياسية في مراكش وهو نجيب الرفوش، الشهير ب"ولد العروسية" المرشح بإسم حزب الاتحاد الاشتراكي. أما على مستوى حزب الاستقلال، فلم تحدث أي مفاجأة في الترشيحات، ما عدا تزعم عبد اللطيف ابدوح، القيادي الاستقلالي ونائب عمدة مراكش، للائحة مقاطعة النخيل، رغم إدانته من طرف محكمة الجنايات الابتدائية بمراكش بجنايتَيّ "الرشوة" و"تبديد أموال عامة" في علاقة بملف "تفويت كازينو السعدي"، وهو الأمر الذي أثارته الجمعية المغربية لحماية المال العام، وطالبت على إثره بعدم السماح للأحزاب بتزكية وترشيح أشخاص تحوم حولهم شبهة الفساد ونهب المال العام. ولم يستبعد عبد الرحيم العلام، الباحث في الشأن السياسي، حدوث أية مفاجأة خلال الاستحقاقات الانتخابية الجماعية والجهوية المقبلة، معتبرا أن المشهد السياسي في مراكش، وقياسا عليه ما يجري في مدن جهتها، يبقي الصراع بين أبرز الفاعلين السياسيين، "إذ غالبا ما يتم تقديم مرشحين كبار، في مقدمتهم العمدة ورؤساء الجماعات المحلية والبرلمانيين والمستشارين، على أن أبرز مفاجأة تبقى ترشح اخشيشن". ولاحظ رئيس مركز "تكامل للدراسات والأبحاث"، في تصريح ل"هسبريس"، أن أبرز الأحزاب المتصارعة داخل حلبة السباق الانتخابي في الجهة قدمت "كائنات انتخابية معروفة وليس هناك تغيير وستبقى الأجيال نفسها تتصدر المشهد السياسي في الجهة"، مشيرا إلى أن الثابت أيضا في هذا الحراك الانتخابي هو اعتماد أدوات تقليدية في التعبئة داخل الحملات الانتخابية. وفي الوقت الذي يستحوذ فيه الثلاثي المكون من أحزاب "الأصالة والمعاصرة" و"الاستقلال" و"الاتحاد الدستوري" على المجلس البلدي لمراكش، أورد العلام أنّ هذا التكتل السياسي المحلي والجهوي قد يحافظ على المشهد نفسه بعد تاريخ 04 شتنبر المقبل، منبها إلى وجود صراعات على المستوى المحلي قد تخدم حزبي "العدالة والتنمية" و"التجمع الوطني للأحرار"، إمكانية أن يحصل "المصباح" على العمودية مقابل الجهة لصالح "الحمامة"." ورغم ذلك، فإن المحلل السياسي يرى أن الضحية في هذه الانتخابات، كما السابقة، سيبقى هو "العدالة التنمية" لاعتبار طبيعة مرشحي "البام" و"التجمع" التي "تبقى قريبة من السلطة بالمنطق المخزني التي يمكنها توجيه الناخبين نحو المرشح الذي ترتضيه.. حتى أنه يمكننا الحديث عن التضحية بالتحالفات مقابل رغبة السلطات في التحكم في الانتخابات"، يضيف العلام.