بدا محمد حصاد، والي طنجة، حازما وهو يرفض خطة عمدة المدينة، فؤاد العماري، الذي اقترح إصدار عفو شامل في حق كبار المنعشين العقاريين بالمدينة ممن لم يحترموا التصاميم المرخص لهم على أساسها، في حين أبدى الوالي مرونة في تسوية باقي المخالفات. جاء ذلك خلال الاجتماع الذي ترأسه الوالي وحضره كل من العمدة، الكاتب العام للعمالة، مدير وكالة تهيئة ميناء طنجة المدينة، مديرة الوكالة الحضرية، ورئيسي قسم التعمير بالولاية ومجلس المدينة. وتنبني خطة العمدة على تسوية جميع المخالفات المرتكبة وبالمقابل يلتزم المنعشون العقاريون أصحاب المخالفات بتعبئة موارد مالية هامة، قدرتها مصادر من مجلس المدينة بحوالي 50 مليون درهم، ترصد لبناء بعض المرافق العمومية وخاصة المدارس. لكن الوالي، الذي حمل ضمنيا مسؤولية هذه المخالفات لكل من الكاتب العام السابق محمد الصفريوي و العلمي الشنتوفي المدير السابق للوكالة الحضرية، فاجأ الجميع بموقفه المتشدد بشأن هذا المقترح، بل طالب العمدة بإصدار قرارات الهدم في حق المخالفين أو إحالة الملفات على القضاء ليقول كلمته في إشارة إلى الفصل 77 من قانون التعمير، ويتعلق الأمر أساسا بمشروع كوماريسبا بمنطقة الرهراه الذي يضم حوالي 360 شقة غير مرخص لها وكذا مشروع طنجة 2012 ومشاريع أخرى بالقرب من أسواق السلام. وهي مشاريع تعتبر دليلا فاضحا لجرائم التعمير المرتكبة في هذه المدينة. وعن مدى قانونية هذه التسوية التي يسعى إلى اعتمادها عمدة المدينة، صرح للجريدة رئيس لجنة المالية، د.عبد اللطيف برحو، أن « أن مدينة طنجة تعرف فوضى عارمة على مستوى التعمير ومنح الرخص وانعدام المراقبة، والعمدة يحاول التستر على فضائح التعمير، وبالتالي لا يمكن التوافق على خرق القانون، لأن هذا الأمر يعتبر جناية في حد ذاته، فمسطرة تسوية المخالفات محكومة بنصوص قانونية صريحة وآمرة. كما أن التفاهم مع المقاولين لإصلاح المدارس مقابل التغاضي عن خروقاتهم يعتبر رشوة مفضوحة حتى ولو كانت الأموال موجهة لمشاريع عمومية»، مضيفا أن «العمدة ليس له الحق في اتخاذ أي إجراء من دون اللجوء إلى المجلس التداولي وللجنة التعمير طبقا للمادة 38 من الميثاق الجماعي، علما أن الوالي سبق له أن أشرف على اجتماع هام في شهر غشت الماضي وتم اتخاذ قرارات هامة في مجال التعمير لكن لحد الآن لم يتم تنفيذ هذه القرارات.». من جهة أخرى، عبرت مصادر من مجلس المدينة عن رفضها لأسلوب الرئيس الذي « يريد أن يحقق مكاسب سياسية آنية، من خلال انفراده بمعالجة الملفات، في حين أن جميع مكونات المجلس أكدت حرصها التام لإيجاد مخرج ملائم لجرائم التعمير بالمدينة، لكن على أساس فتح نقاش شفاف على مستوى مجلس المدينة، ووضع دفتر تحملات مدقق يحدد مساطر التسوية على أساس وضع قطيعة مع الفوضى التي سادت مدينة طنجة في الماضي». وأضافت ذات المصادر أن فؤاد العماري يجد نفسه في حرج كبير، خاصة وأن أصحاب هذه المشاريع يعتبرون من أشد حلفائه ولعبوا دورا كبيرا في حمله إلى كرسي العمودية خلفا لسمير عبد المولى المستقيل، وبالتالي من باب رد الدين يسعى جاهدا لتسوية وضعية حلفائه في حزب التعمير بالمدينة خاصة مع إكراهات تشريعيات 2012 . وعن التداعيات المحتملة لهذا الاجتماع أكدت ذات المصادر للجريدة أن المكتب المسير لمجلس مدينة طنجة سيجد نفسه في وضع حرج بشأن تنفيذ الاتفاق المبدئي بتسوية باقي المخالفات التي لم يعترض الوالي عليها، بعدما رفضت مديرة الوكالة الحضرية التوقيع على المحضر، وتشبثت بإعمال المساطر القانونية الجاري بها العمل. ما يقع بطنجة أشبه بقنبلة موقوتة على وشك الانفجار، ستطيح من دون شك بالعديد من الرؤوس في حالة فتح تحقيق جدي في جرائم التعمير بالمدينة وبصفة خاصة ملف الاستثناءات التي تحولت إلى آلية لتعطيل تصاميم التهيئة وشرعنة الفوضى والتسيب.