اعتمد عبد الله بوصوف لغة مباشرة، هي ذاتها التي تحدث بها الملك محمد السادس ضمن خطاب العرش عن معاناة مغاربة العالم مع بعض القنصليات، والأمين العام لمجلس الجالية المغاربة بالخارج يحتجّ على "النصب الذي يتعرض له مغاربة العالم" خصوصا في المجال العقاري، حيث أبدى المسؤول عن الCCME امتعاظه من غياب التنسيق بين المؤسسات العمومية المشرفة على قطاع الهجرة بشكل يجعل المهاجر تائها فيما بينها، كما وجه بوصوف، ضمن لقاء صحفي عقده اليوم، سهام النقد لرئيس الحكومة والبرلمان لتجاهلهما المجلس في قضايا تهم مغاربة العالم. خطاب ملكي إنذاري وصف عبد الله بوصوف، الأمين العام للCCME، خطاب الذكرى ال16 لعيد العرش، في شقه المتعلق بالهجرة، بكونه "إنذاريا لجميع المتدخلين في تدبير ملف المهاجرين"، وأضاف: "لم يعد مسموحا للفاعلين في قضية مغاربة العالم أن يشتغلوا بشكل منفرد ومنعزل، حيث أن الخطاب الملكي يظهر بالملموس أن الجالس على العرش يستمع بشكل مباشر لهموم مغاربة العالم وعلى علم بأوضاعهم في الخارج". ونادى بوصوف ب"ضرورة الضرب على يد كل من لا يخدم مصلحة الجالية المغربية"، مقدما المثال ب"ما يتعرض له مهاجرون من نصب عقاري في بعض المعارض السكنية التي تقام بالخارج، والتي تعرف مشاركة وزير من الحكومة، ويحضر فيها موثق من المغرب لتوثيق العقود ضدا على القانون"، مطالبا في الوقت ذاته ب"ضرورة حماية الممتلكات العقارية لمغاربة العالم، حتى لا يغيب المنخرط في الهجرة عن عقاره لمدة من الزمن ثم يجد من احتله". وعبر بوصوف عن تأييده لما جاء في خطاب الملك محمد السادس حول معاناة المهاجرين مع بعض المصالح القنصلية بالخارج، مؤكدا أنه "من غير المقبول أن يقطع المهاجر مئات الكيلومترات للحصول على وثيقة من القنصلية، وفي الأخير لا يقضي مصلحته"، وواصل: "لم يعد منطقيا أن تكلف وثيقة عادية المهاجر أكثر من 2000 أورو كنفقات للسفر نحو القنصلية"، وطالب بوصوف ب"اعتماد مساطر على الأنترنت لتوفير جميع الوثائق التي يحتاجها المهاجرون دون حاجة إلى التنقل بسبب تعاط إداري بسيط". المسؤول عن آداء المؤسسة الدستورية الاستشارية المعنية بمغاربة العالم صب جام غضبه على ما يتم من غياب للتنسيق بين المؤسسات المتدخلة في ملفات الهجرة، قائلا إن هذه الوضعية جعلت العديد من المهاجرين في حالة ضياع بين المؤسسات ولا يعلمون الجهة التي يجب قصدها، وأضاف "غياب التنسيق فتح الباب أمام البعض لاستغلال هذه الوضعية من أجل الحصول على التمويل من جهات مختلفة بدعوى تأسيس جمعيات تخدم مصلحة المهاجرين"، يقول عبد الله بوصوف. ذات الموعد التواصلي مع الصحافة عرف انتقاد الأمين العام للCCME للتجاهل الصادر عن الحكومة والبرلمان بغرفتيه للأدوار المنوطة بمجلس الجالية المغربية بالخارج ودوره الاستشاري، مقدما المثال على ذلك بالتشديد على سابق مراسلة المجلس لرئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، خلال سنة 2013 ليحذره من غياب التنسيق بين المؤسسات المكلفة بمغاربة العالم، دون أن تجد المبادرة أي صدَى لديه.. وعن مصادقة البرلمان على قانون تحويل أموال مغاربة العالم ذكر: "لم تتم استشارتنا بشأن هذا القانون، وراسلت رئيس مجلس النواب بمعية رئيس مجلس المستشارين منذ أربعة أشهر، ولم أتلقى أي رد لحدّ الحين". وطالت الانتقادات الصادرة عن عبد الله بوصوف الميزانية المخصصة لمجلسه بأن عمل على مقارنتها مع هئيات أخرى مشتغلة على ملف مغاربة العالم.. فمن أصل مليار درهم تخصصها الدولة للملف لا يحصل الCCME إلّا على 49 مليون درهم، أي ما يمثل 5 في المائة من مجموع الغلاف المالي المرصود لتدبير ملف الهجرة وقضاياها المتشعبة. وعن المشاركة السياسة لمغاربة العالم جدد بوصوف التعبير عن تأييده لهذه الخطوة، وقال: "الكرة في ملعب الحكومة" قبل أن ينبه في نفس السياق إلى أنه لا يرغب أن يقع المغرب في فخ اليمين المتطرف الناشط بأوروبا، لأن المشاركة السياسية لمغاربة العالم، في الوقت الراهن، ستجعلهم هدفا لانتقادات الساسة المتطرفين بأوروبا، لذلك يرى الأمين العام للمجلس أنه من الأجدر الانطلاق بإدماج مغاربة العالم في جميع مؤسسات الحكامة والمؤسسات الاستشارية، بما في ذلك مجلس الجالية الذي تجب إعادة هيكلته حتى ينفتح على الطاقات الشابة والنساء.. وفق تعبير بوصوف أمام رجال ونساء الصحافة والإعلام. تحصين من "الدعشنة" برأ بوصوف المجلس الذي يتولى أمانته العامة من تهمة توجه له بتكريس معاناة الجالية، وشدد على أن ظهير تأسيسه واضح ويعطيه مهمة استشارية واستشرافية للتفكير في مستقبل الهجرة المغربية، معددا الأعمال التي قام بها الCCME ضمن نطاق صلاحياته التي تفتقد للسلطة التنفيذية، وهي التي يغلب عليها الطابع الفكري والعلمي.. "قبل إحداث المجلس لم يكن عدد الكتب التي تتحدث عن الهجرة يتجاوز ال10 والآن أصدرنا 140 كتابا حول الهجرة ومغاربة العالم". ذات المتواصل أضاف أن معركة المجلس تقترن بتحصين مغاربة العالم من فكر داعش، مشددا على أن هذا لن يتحقق بالترسانة الأمنية فقط، وإنما سيتوفر بالإنتاج الفكري والمعرفي، وذلك بتفكيك الخطاب المتطرف وإعادة إنتاج خطاب يمثل الإسلام المعتدل.. كما حذر عبد الله بوصوف من الاستخفاف بسؤال الهوية لأن ذلك "سيأتي على الأخضر واليابس" وفق تعبيره ،الكاشفا عدم رضاه عن شح الإنتاج المعرفي باللغات الأوروبية حول نموذج الإسلام المغربي المعتدل، "لأن هذا الفراغ يتم ملؤه بكتب قادمة من الشرق تحمل أفكارا متطرفة، ولأن الشباب المهاجر يحمل عاطفة دينية قوية".. مضيفا أن مصطلحات من قبيل "الخلافة" و"دار الإسلام" و"الجهاد" تغري وتستهوي للانضمام إلى الجماعات المتطرفة. ووجه بوصوف رسالة إلى السياسيين الأوروبيين الذين يعارضون تكوين الأئمة الناشطين بالقارة وسط المؤسسات المتخصصة المتواجدة بالمغرب، مشددا على "أن المملكة تتوفر على مؤسسة إمارة المؤمنين التي لا تعتبر تدخلا في شؤون الدول الأوروبية، وإنما هي مرجعية روحية لجميع للمسلمين، كما للمسيحيين مرجعيتهم الروحية ممثلة في الفاتيكان".