لا تكتمل الفُرجة بساحة "جامع الفنا" التاريخية في مدينة مراكش، التي تستقطب السياح من مختلف أنحاء المعمور، بدون الأفاعي التي تثير اهتمام الزائرين، بين متخوف منها وراغب في التقاط صورة مع إحداها وهي تلتف حول عنقه. ففي الوقت الذي يلتقط فيه والده صورة تذكارية في الساحة، يتقدم ياسين الذي لا يتجاوز عمره ال 13 عاماً ويضع بكل ثقة على رقبته ثعباناً، بينما الأم والأخت تراقبان المشهد بتخوف ممزوج بابتسامة. هو مشهد يتكرر في ساحة "جامع الفنا" التي تغص على مدار أيام السنة بأهازيج الفلكلوريين ولاعبي السيرك والخفة وترويض الأفاعي، وآخرين يسردون الحكايات بطريقة عفوية في "الحلْقَة" ويجسدونها بشكل هزلي، ما يجعل الساحة فضاء للفرجة والمتعة، والتقاط الصور. ويقول عز الدين الغازي، والد ياسين الوافد على "الحمراء" من مدينة أكادير: "هناك إقبال كبير على مروضي الأفاعي، وأعمل على التقاط صور تذكارية مع لْحْنَاشْ، كلما زرت ساحة جامع الفنا، حيث تبقى هذه المشاهد موشومة في الذاكرة".. ويضيف: "لا أخاف على ابني من الأفعى لأنه تم ترويضها على ذلك، ولا تشكل خطراً على الأشخاص". الغالي النويتي، ذو ال37 عاماً، مروض أفاعي بالساحة يقول إنه يأتي بهذه الزواحف من الصحراء من أجل "خلق الفُرجة بجامع الفنا، الذي لا تكتمل زيارته وخصوصيته بدون حَيَّات تثير اهتمام الزائرين".. أما التقاط الصور مع الأفاعي يكون، بحسب النويتي، مع الأنواع غير السامة منها، كالكوفر والبونفاخ والصياد، وذلك لضمان سلامة الأشخاص. والبحث عن الثعابين لا يقل صعوبة عن ترويضها، خصوصاً في الصحارى التي تتطلب صبراً ومهارة ودراية، وفقاً للنويتي الذي يعمل في هذا المجال منذ 26 عاماً، وقد استطاع خلال هذه الفترة أن ينسج علاقة متميزة مع هذه الزواحف. ويعمل النويتي بمعيّة مروضين آخرين، أحدهم يحمل ناياً تتمايل الثعابين مع نغماته وآخر يساعد الزائرين على التقاط الصور، أما رئيس المجموعة، الذي يُطلق عليه "العيساوي"، فيجلس بمحاذاة الأنواع السامة منها، وخصوصاً "الكوبرا" التي تثير بشكلها الضخم الانتباه، ويعمل على عدم اقتراب الناس منها. الغالي، الذي ورث هذه المهنة عن آبائه وأجداده منذ أن كان في ال11 من عمره، يرى أن ترويض الأفاعي والتعامل معها أمر يتطلب "الحيطة والحذر".. بينما دينا القادري، وهي مغربية مقيمة في إسبانيا تغلبت على خوفها والتقطت صوراً مع الأفاعي في الساحة، قالت: " رغم أني أخذت صوراً معها وهي على عنقي إلا أن الإحساس بالخوف تملكني كثيراً".. وتصمت القادري قليلاً ثم تضيف بابتسامة مرسومة على محياها: "الأفاعي تشكل روعة في هذا المكان السياحي، بالإضافة إلى القردة وبعض المشاهد الأخرى الجميلة". *وكالة أنباء الأناضول