مَا إن توشكُ العلاقات المغربيَّة الموريتانيَّة على دخُول طورٍ من الهدُوء، حتَّى تعُود بعضُ الأحداث لتعكس مسارها، فبعدَ عودة الدفء بين الرباط ونواكشُوط مؤخرًا، جرى استقبال مبعوث للبُوليساريُو بالقصر الرئاسي في نواكشُوط، من لدن الرئيس المويتانِي محمد ولد عبد العزيز، في خطوة تطفحُ بأكثر من إشارة. ما يسمَّى "وزير الخارجيَّة في البُوليساريُو"، محمد سالم ولد السالك، صرح في أعقاب اللقاء الذِي جمعهُ بولد عبد العزيز، للوكالة الموريتانية للأنباء، أنَّه نقل رسالةً من زعيم الجبهة إلى الرئيس الموريتانِي، تطلعُ على ما بلغتهُ قضيَّة الصحراء من تطورات، إضافةً إلى جملةٍ من القضايا التي تهمُّ المنطقَة. القياديُّ الانفصالي أثنَى على ما اعتبرها صلاتٍ وثيقة بين البُوليساريُو ونواكشُوط.. بينما الاستقبال هو الثاني من نوعه في أقل من عامين، بعدما كانَ الرئيس الموريتانِي قد استقبل، في شهر ماي من 2014، محمد خداد الذي هو مسؤُول البُوليساريُو في التنسيق مع بعثة المينورسُو، في خضم أزمة ديبلوماسية غير معلنة تأخرت معها تسمية سفير موريتانِي لدى الرباط، عوض القائم بالأعمال المتواجد حاليا في السفارة. زيارة الانفصاليَّين إلى نواكشُوط تأتِي بعد حادثٍ عرضِي في العلاقات الموريتانيَّة الجزائريَّة، طردت معه شنقيط ديبلوماسيًّا جزائريًّا، قبل أشهر، إثر سعيه إلى إفساد علاقاتها مع المغرب من خلال الحفز على نشر معلوماتٍ تفيدُ بأنَّ موريتانيا شكت المغرب لدى الأممالمتحدة بسبب المخدرات. وهو ما تعاملت معهُ الجزائر بالمثل. وكان الرئيسُ الموريتانِي محمد عبد العزيز قد نفى في أكثر من مناسبة وُجود ما يكدرُ صفو العلاقات المغربيَّة الموريتانيَّة، قائلًا إنَّ ما يثارُ بشأن الجفاء بين الجارين، لا يعدُو كونه كلامًا مختلقًا من الصحافة، كما نفى أن يكون أمر غياب سفير لموريتانيا في الرباط، لفترة غير قصيرة، مؤشرًا على أزمة صامتة. ويغذِي استقبال نواكشُوط الأخير عدَّة أسئلة حول البواعث التي جعلتْ هرم السلطة في موريتانيا يستضيفُ مبعوثا انفصاليًّا. سواء بترجيح عامل الجولة الإفريقيَّة الأخيرة للملك محمد السَّادس التي لم تشمل موريتانيا، أوْ عدم تجاوز العلاقات المغربية الموريتانيَّة مرحلة "مصالحة" أقربُ إلى الأزمة منها إلى التطبيع، بالرغم من تبادل زيارات بين وزراء البلدين، وحلُول وزير الخارجيَّة المغربي، صلاح الدين مزوار، بنواكشُوط، في أكتوبر 2014.