في الوقت الذي بات إعلان الحكومة عن تفعيل خطتها لإصلاح صناديق التقاعد مقترنا بمرور أيام، دخلت مؤسسة بنك المغرب على خط عبر تقريرها السنوي حول الأوضاع المالية لسنة 2014 من خلال تأكيدها على ضرورة التعجيل بالإصلاح "لأن وضعية صناديق المعاشات المدنية بلغت مرحلة مقلقة" وفق تعبير الوثيقة. واختار البنك المركزي لغة مباشرة لتوصيف الوضع السائر نحو الإفلاس، مؤكدا أن صندوق التقاعد يعيش "خللا بنيويا"، وأنه أصبح مصدر قلق ويؤثر على الوضعية المالية للدولة في حال لم يكن هناك أي إصلاح حكومي عاجل وكشف بنك المغرب أن المساهمات التي يتم تجميعها من طرف مختلف أنظمة التقاعد بالمغرب تمثل 4.23 في المائة من الناتج الداخلي الخام خلال السنة الماضية، وذلك بعد بلوغ عدد المنخرطين في صناديق التقاعد حوالي 4.18 مليون شخص مقابل 4.03 مليون في سنة 2013، بينما يستفيد حاليا من تعويضات التقاعد 1.96 متقاعد، وبلغت الاحتياطات المالية لصناديق التقاعد 228.5 مليار درهم مسجلة نسبة نمو في حدود 9.6 في المائة مقارنة مع سنة 2013. وعبر بنك المغرب عن قلقه من الوضع المالي لصناديق التقاعد، مفسرا ما آلت إليه صناديق تقاعد من عجز مالي بارتفاع النمو الديمغرافي وارتفاع عدد المستفيدين من معاشات التقاعد، مقابل ضعف ارتفاع عدد المنخرطين في أنظمة صناديق التقاعد.. ما أدى إلى خلل بين نفقات الصندوق وبين موارده. كما دفع بنك المغرب بمبرر آخر يتمثل في انعدام التوازن بين قيمة المعاشات التي تؤديها الصناديق للمتقاعدين وبين نسبة الاقتطاعات والمساهمات المطبقة من طرف الدولة.. كما حذر البنك المركزي للمملكة من "خطورة اختلال التوازن المالي لصناديق التقاعد" بعدما سجل خلال السنة الماضية عجزا ماليا قيمته 936 مليون درهم، منبها إلى أنه في حال غياب إصلاح حكومي فإن اللجوء إلى احتياطي الصندوق سيرتفع خلال السنوات القادمة وهو الذي سيجبر على تصريف الموارد المالية الموجودة حاليا في السوق المالية. وقدم التقرير ملامح من المقترح الحكومي الرامي للإصلاح والقائم على الرفع من سن التقاعد إلى 62 عاما بعد مرور سنة من تاريخ المصادقة، ورفع سن التقاعد بستة أشهر مع مرور كل سنة إلى أن يصل إلى ال65 بحلول 2023، مع إمكانية الإحالة على التقاعد لكل من قضى 41 سنة في الوظيفة. كما ينص السيناريو الحكومي على الرفع من مساهمة الشغيلة والمشغل بأربع نقاط، وذلك على امتداد أربع سنوات من تاريخ إقرار الإصلاح، كما أن احتساب المعاش سيكون بناء على معدل الأجر الذي حصل عليه الأجير خلال السنوات الثمانية الأخيرة من عمله.. بينما توقع بنك المغرب أن تساهم هذه الرؤية، في حال تفعيلها، بتخفيض مديونية الCMR بنسبة 70 في المائة، كما أن ستؤجل لجوء الصندوق إلى احتياطاته المالية حتى سنة 2031، وهي المدة التي اعتبرها البنك امناسِبة لإقرار إصلاح شامل لصناديق التقاعد.