تناقلت العديد من المنابر الاعلامية الرقمية والمرئية والمكتوبة ، الهجمة الشرسة التي أصبح المسلمون يتعرضون لها في العديد من الدول الغربية في الآونة الاخيرة .فرنسا التي تعرف بأنها تضم أكبر جالية مسلمة في العالم ،أصبح المسلمون فيها عرضة للعنف الذي قد يبلغ في بعض الحالات إلى التصفية الجسدية ، ناهيك عن انتهاك حرمة المقدسات . الاعتداءات بسبب كراهية الغرب للمسلمين شهدتها بقوة أستراليا أيضا ، حيث خرج العديد من المواطنين ينددون بالإسلام والمسلمين . مثل هذه الاعتداءات والتظاهرات العنصرية عرفتها كل من دولة ألمانيا وهولندا وغيرها من الدول التي أصبح مواطنوها يرون في الاسلام والمسلمين خطر الالفية الثالثة ، لذلك أصبحوا يرفعون شعار: بلداننا لنا والمهاجرون يجب أن يرحلوا إلى موطنهم الاصلي . لا شك أن الاسلاموفوبيا ، الذي هو تركيب لثلاثة مصطلحات أو مفاهيم هي :الاسلام الارهاب والفوبيا ،قد ساهم الاعلام خاصة الاعلام الغربي الغير محايد ، والذي يعتمد على ما يقع في العديد من الدول العربية حيث القتال على أشده ،على جعله ظاهرة عالمية ، أبطالها المسلمون الذين أصبح الغرب ينظر إليهم على حد قول سارتر بالجحيم .ومما زاد في كراهية المواطن الغربي للمسلمين واعتبار ديانتهم ديانة تقوم على فلسفة الكراهية والقتل ،أحداث 11سبتمبر الشهيرة سنة 2011 .إضافة إلى ما وقع من تفجيرات في العديد من العواصم الاوربية و صحيفة شارلي ايبدو ، وحتى ما وقع أيضا في شمال أفريقيا خاصة في تونس .حيث تعرض على شواطئها مئات من السياح للقتل من قبل شاب أراد أن يبيد الكفار فأخطأ الهدف.وبدل أن يبيد السياح أباد اقتصاد بلده الهش أصلا . الاسلاموفوبيا في الحقيقة ليس وليد الحاضر بل يمكن ارجاع نشأة هذا الخوف من الاسلام منذ ظهور هذا الدين الذي جاء به محمد بن عبد الله (ص) .كانت اليهودية والمسيحية قبل ظهور الاسلام تسيطران على العالم المعروف وقتئذ .أما الديانات الغير سماوية فلم تكن تشكل أدنى خطورة بالنسبة لهما . وعلى اعتبارأن اليهودية والمسيحية ديانتين سماويتين فقد شكلتا قبل ظهور الاسلام ،الاطار المرجعي الصلب الذي يحدد نظرة الفرد إلى نفسه وإلى الله وإلى ما يخص المجتمع عقائديا وسياسيا ثم اقتصاديا .ظهور الدين السماوي الجديد الذي أعلن رسوله بأنه يأتيه الناموس(جبريل)الأكبر . صنف نفسه كثالث ديانة سماوية جاءت للناس كافة مما جعلها تشكل خطرا على الديانتين العتيدتين .وهكذا أنطلق شرارة صراع الديانات ، الذي عبر عنه فوكوياما بصراع الحضارات . الحروب الصليبية لم تكن سوى محاولة لنزع من الاسلام المواقع التي سلبها من الغرب ، بهدف تقزيمه ما أمكن بما أن القضاء عليه مهمة مستحيلة . لذلك كان الشرق ولا يزال منطقة دائمة للصراع والتوتر . و المواقع المقدسة كانت ولا تزال في عمق الصراع حول الارض والدين والثقافة ، بدليل اصرار نتانياهو على سحب الاعتراف من العرب قبل الغرب بأن اسرائيل دولة يهودية . عوامل أخرى ساهمت في انتشار مفهم الاسلاموفوبيا .منها تطور العلوم الرقمية ، أو ما يمسى بتسونامي العولمة التي حولت العالم إلى قرية صغيرة .انتشار الفقر ، الجهل والاستبداد. وغياب مبدأ التداول على السلطة بشكل ديمقراطي .كل هذا هيأ الظروف والمناخ المناسب للجماعات الاسلامية كي تعلن موت السياسة ،وضرورة العودة إلى الحكم بما أنزل الله ليس بالتي هي أحسن بل بقوة الحديد والنار . بيد أن ظاهرة الاسلاموفوبيا هي ظاهرة لا تقتصر على الغرب فحسب . بل حتى العالم الاسلامي أصبح يعاني منها وبشكل رهيب .فالجماعات المتقاتلة لها مرجعيات مذهبية متباينة والعديد منها لا تتفق قناعتها المذهبية بما هو معتمد في العديد من الدول الاسلامية .فداعش مثلا التي تحسب على المذهب السني تستهدف معاقل والدول التي تتبنى المذهب الشيعي . وجماعا ت أخرى شيعية تستهدف دولا سنية وهكذا دواليك. أختم هذا المقال بالقول ، إن العالم على ما يبدو أصبح رهين الصورة .وليست أي صورة ، بل تلكم الصورة التي أصبحت تسافر بسرعة الضوء وتقتحم بيوت كل الاسر في العالم ،ناقلة فظاعات الجماعات الارهابية المحسوبة على الاسلام ، وهي تقطع رؤؤس الابرياء ،وتروع الابرياء الآمنين في أوطانهم أو البلدان المضيفة . هذه صورة الارهابية المخيفة يلذ للدين يكرهون الاسلام والمسلمين أن يوظفوها لتشويه سمعة أمة محمد ، ووصمهم جميعا بأفظع النعوت الهمجية .متى سنكتشف أننا نشوه ديننا ونخدم أعداءه بدل أن نحميه ونخدمه . لا أعتقد أن فجر هذا الوعي قد أصبح قريبا .