خرجت الجمعة مظاهرات حاشدة وسط تونس العاصمة وبقية المدن تنادي برحيل الرئيس بن علي، فيما يحاول الحزب الحاكم- التجمع الدستوري الديمقراطي- جاهدا تنظيم مظاهرات مؤيدة. وفيما تحاول السلطات التونسية لملمة الوضع، وتنظيف الشوارع من مخلفات المواجهات العنيفة والدامية التي جرت في ساعة متأخرة من مساء أمس، بدت حركة الشارع أكثر قوة من تحرك الحزب الحاكم، حيث خرجت مظاهرة كبيرة وسط تونس العاصمة، وبالتحديد أمام مقر وزارة الداخلية. وشارك في هذه المظاهرة المئات من المواطنين من مختلف الأعمار، رفعوا خلالها شعارات مناهضة لبقاء الرئيس بن علي في الحكم، منها"خبز وماء وبن علي لا"، و"بن علي إرحل"، و"وزارة الداخلية... وزارة إرهابية". وتميزت المظاهرة بمشاركة عدد من قادة أحزاب المعارضة والمحامين والنقابيين، وقد تواصلت لعدة ساعات وسط حضور أمني مكثف، فيما اكدت مصادر متطابقة خروج مسيرات ومظاهرات مماثلة في مدن بنزرت (60 كيلومترا شمال تونس العاصمة)، وسيدي بوزيد (265 كيلومترا جنوب العاصمة)، وقفصة (350 كيلومترا جنوبتونس العاصمة)، تخللتها أيضا شعارات تدعو إلى تنحي الرئيس بن علي. كما شهدت ضاحية الكرم الغربي شمال تونس العاصمة مظاهرة أثناء تشييع جثامين القتلى الذين سقطوا الليلة الماضية، حيث عمد المتظاهرون إلى مهاجمة مركز للشرطة، فيما ردت قوات مكافحة الشغب بإطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم، دون اللجوء إلى إطلاق الرصاص الحي. وتأتي هذه المظاهرات بعد نحو 12 ساعة من كلمة الرئيس بن علي التي توجه بها إلى الشعب الليلة الماضية، والتي أعلن فيها أنه أعطى أوامره بوقف إطلاق الرصاص على المتظاهرين، كما تعهد بإجراء حزمة من المبادرات لدعم وحرية الإعلام والديمقراطية، وعدم الترشح للرئاسة عام 2014. وإعتبر بن علي أنه تعرض إلى عملية مغالطة فيما يتعلق بمجالي الديمقراطية والحريات، وأشار إلى أنه أمر أيضا حكومة بلاده بإتخاذ "الإجراءات المناسبة لتخفيض أسعار المواد والمرافق الأساسية من خبز وحليب، ورفع ميزانية الدعم". وبدا واضحا أن ما تضمنته هذه الكلمة من قرارات وإجراءات لم تمتص غضب الشارع المتواصل منذ نحو أربعة أسابيع، كما بات واضحا أيضا عجز الحزب الحاكم عن السيطرة على حركة الشارع التي بدت أكثر سرعة من تحرك أحزاب المعارضة.