تعيش أسر مغربية وسط الرباط مأساة اجتماعية ونفسية، جراء مصادرة السلطات المحلية للعاصمة لمجموعة من العقارات المحفظة والمسجلة في وكالة المحافظة العقارية، بعد عملية الهدم التي أشرف عليها الوالي، عبد الوافي لفتيت، لواجهات "البنايات التي تحتل الملك العمومي" قبل شهر و12 يوما. في ذلك التاريخ كان والي الرباط، قد نفذ ما سمي ب"قرار التصفيف" الذي أصدره بشكل انفرادي، من دون الرجوع إلى المنتخبين المحليين في العاصمة الإدارية، وهو المعطى الذي أكده لهسبريس رضا بنخلدون، النائب البرلماني للمنطقة المنتمي لحزب العدالة والتنمية. بنخلدون: قرار غير قانوني رضا بنخلدون، وفي تصريح أدلى به لهسبريس، اعتبر أن قرار والي مدينة الرباط بهدم جزء من المساحات، التابعة للملك العمومي التي كانت يحتلها ملاك المنازل، يأتي في إطار مشروع ملكي رائد لإعادة النظام للنسيج العمراني للمدينة. وبخصوص ما إذا كان يوافق على هدم الأجزاء التي تدخل في إطار حدود الملكية الواردة في شواهد التحفيظ للممتلكات العقارية للسكان المتضررين، أكد بنخلدون أن "الهدم الذي طال المنازل المحفظة التي يملكها السكان في شارع المقاومة، غير مقبول وغير قانوني". وقال نفس المتحدث إنه اتصل بالوالي لفتيت، في شأن موضوع أحد المتضررين الذي يتوفر على كافة الأوراق الثبوتية، التي تؤكد أنه تعرض لشطط في استعمال السلطة، ووعده الوالي بأن لا علم له بالموضوع وأنه سيتابعه بشكل شخصي. هذا الوعد الذي قطعه الوالي على نفسه، يأتي أسابيع على ذات الوعد لصاحب بيت مؤلف من طابق أرضي، وتمتد مساحته على 136 متر مربع تقريبا، تقلصت إلى ما دون 60 متر مربع بجرة قلم من طرف الوالي، دون اللجوء إلى مسطرة نزع الملكية كما ينص على ذلك القانون"، يقول عمر العبلاوي. وأردف المتضرر من القرار ""والي ولاية الرباط أثناء إحدى زياراته لشارع المقاومة بحي المحي، قام بمعاينة منزلي، فأخبرني أنه اطلع على ملفي، وأنه سيعمل على تعويضي في القريب، لكن وعده لي لم يكن سوى لتهدئتي وتطييب خاطري". جحيم! العبلاوي، مقاول شاب وأب لثلاثة أطفال، يقول إنه فقد لذة الحياة وتخلى عن كل طموحاته، في سبيل استرجاع حقه، وتوازنه النفسي، يروي حكايته بالقول "إنني أملك العقار الكائن بزاوية شارع المقاومة وزنقة كوبنهاكن، رقم 14، حي المحيط، الرباط، ذي الرسم العقاري عدد 51307/ر. ويتابع "بتاريخ 17 يونيو 2014 فوجئت بعدد من المسؤولين المحليين، ذكر للجريدة أسماءهم وصفاتهم، ومهندس من العمالة الحضرية، وشيخ المقدمين بالمقاطعة الثالثة، مدعمين برجال القوات المساعدة، وضابط شرطة، ومجموعة من العمال يقومون بهدم منزلي بواسطة جرافتين". وأكمل قائلا "عند استفساري لهؤلاء المسؤولين، صرحوا لي أنه هناك قرار بهدم مجموعة من البنايات، والتي من بينها منزلي"، مضيفا أن اللجنة التي قامت بتحويل الارتفاقات الخاصة التي كانت تابعة للفيلات لتصبح تابعة للملك العمومي، لم تحترم المساطر القانونية في القيام بذلك، ولم تسلك مسطرة نزع الملكية التي في إطارها يتم وضع اليد على الملك الخاص قصد المنفعة العامة، وتعويض المالك الأصلي عن ذلك". بيت في المزاد ويضيف هذا المقاول الشاب، الذي يهدده البنك ببيع بيته في المزاد العلني بعدما توقف عن أداء الأقساط الشهرية لقرض 90 مليون سنتيم، الذي اقتنى به البيت " بعد عملية الهدم والظروف التي رافقتها لم يعد باستطاعتي أداء الأقساط الشهرية لهذا القرض، مما جعل البنك المقرض يرسل لي إنذارا بالأداء للأقساط الشهرية المتأخرة". وزاد قائلا "رغم أنني قمت بأداء بعضا منها بمساعدة من طرف بعض الأقارب الذين منحوني مبالغ مالية على سبيل السلف، إلا أن البنك تقدم ضدي بدعوى قضائية أمام المحكمة التجارية بالرباط يطالبني فيها بأداء مبلغ 1.311.037,12 درهم و الفوائد القانونية وفوائد التأخير". واستطرد "البنك المقرض لم يكتف بهذه الدعوى فقط، بل أرسل لي إنذارا عقاريا بمثابة حجز عقاري ينذرني بمقتضاه أنه في حالة عدم الأداء الكلي داخل أجل 15 يوما سيباشر في مواجهتي مسطرة بيع العقار المرهون، وهو الجزء المتبقى من المنزل الذي تم هدمه". وقال العبلاوي "إنني لا أملك سوى المنزل الذي تم هدم أزيد من نصف مساحته (71 متر مربع)، و أنه بعد الهدم لم يعد صالحا للسكن بسبب تضرر الدعامات الأساسية له بشهادة الخبير جمال شيشاوي، الذي عاين ذلك في الخبرة التي أنجزها، تنفيذا لأمر قضائي صادر عن المحكمة الابتدائية بالرباط. طلب إنصاف وأفاد المتحدث أن اللجنة التقنية المختلطة المكلفة بالبنايات الآيلة للسقوط قد عاينت منزله بتاريخ 16 مارس 2015، فارتأت التعجيل بعمليات الإصلاح لما تبقى من المنزل، لما لحقه من أضرار وخسائر جسيمة وخطيرة تتمثل في شقوق على مستوى الدعامات الأساسية. "رغم أنني كاتبت جميع الجهات المعنية، وترددت عليها للعديد من المرات منذ تاريخ الهدم، لكن دون نتيجة رغم مرور سنة عن الواقعة، ومحاولة مني لإيصال معاناتي قمت بتعليق العلم المغربي ولافتة، وبعض الوثائق على جدران منزلي، لكن السلطات المحلية والأمنية قامت بنزعها". توقف العبلاوي عن مواصلة الحديث لثوان وقال "إنني أتوجه إلى جميع المسؤولين، والذين هم على رأس الإدارات والمصالح المعنية، بطلب إنصافي وتعويضي عن الخسائر التي المادية والمعنوية التي لحقتني جراء ذلك".