فجأة وبدون سابق إشعار، بات عدد من المغاربة مهتمين بجهاز أمني وعسكري في بلد يبعد عنهم بآلاف الأميال، فقط لأنه يقف بشكل أو بآخر وراء تقرير وصم بلدهم بنعوت لم يرضها الكثيرون منهم، وذلك عندما ربط موقع إخباري تابع للحرس الثوري الإيراني المغرب بالسياسة الصهيونية. والسؤال الذي طرحه البعض "من هو هذا الحرس الثوري، وممن يتشكل، وهل يمتلك قوة سياسية داخل المشهد الداخلي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولماذا تدخل بتلك الطريقة الإعلامية في موضوع العلاقات الثنائية بين الرباط وطهران..ذلك غيض من فيض أسئلة بات من المهم معرفة أجوبة عنها لاستكمال أجزاء الصورة. جهاز نافذ ومتغول الحرس الثوري الإيراني جيش عقائدي، يفوق عدده 350 ألف فرد، وهو حرس يخلص للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران، رغم أنه لا يعد من الناحية التنظيمية جزء من القوات المسلحة الإيرانية، بل يتسم بقيادة مستقلة تتلقى أوامرها من علي خامنئي مباشرة. الدكتور أحمد موسى، الباحث في الشأن الإيراني، وأستاذ اللغة الفارسية في كلية الآداب بالجديدة، في تصريحات لهسبريس، تطرق إلى خمسة حقائق بخصوص الحرس الثوري الإيراني، في سياق ما أثاره أخيرا تقرير منشور في وكالة "فارس نيوز"، ما حذا بالمملكة إلى الاحتجاج رسميا ضد الجمهورية الإسلامية. موسى أكد، في أول دلالة بخصوص هذا الموضوع، بأن "الحرس الثوري الإيراني بات مؤسسة عسكرية واقتصادية وإعلامية متغولة خلال العقود الثلاثة الأخيرة، يتحكم في مفاصل البلاد بأكملها، ويدير دواليب اقتصاد إيران، كما يتحكم في رسم سياسات الجمهورية وتوجيهها داخلياً وخارجياً. الحقيقة الثانية، وفق ذات المحلل، أن حكومة الرئيس حسن روحاني الحالية طالما اشتكت من تدخل الحرس الثوري في عملها، والتأثير على توجهاتها والتشويش على مخططاتها "الإصلاحية" و"الانفتاحية"، مشيرا إلى أنه "سبق لروحاني توجيه اتهامات مبطنة ولاذعة لهذه المؤسسة، بسبب سيطرتها على المؤسسات الاقتصادية وتدخلها الحاد في العملية السياسية". وثالثة الحقائق، يورد موسى، أن الحرس الثوري في إيران يملك الكثير من الأذرع الإعلامية، يستعملها متى شاء لشن حرب إعلامية على خصومه، داخل وخارج البلاد"، لافتا إلى أن الحرس لم يخف امتعاضه من طريقة تدبير فريق المفاوضين النوويين تحت إشراف الحكومة الحالية لملف المفاوضات مع الغرب". "شيطنة" المغرب وأما الحقيقة الرابعة، بحسب المتحدث، فتعلق بتصريحات الحرس الثوري الإيراني الأخيرة بشأن المغرب، والتي تأتي للتشويش على الحكومة الإيرانية لنسف مكتسباتها، وكسب النقاط في معركته مع روحاني" مبرزا أن تعكير صفو العلاقات بين إيران والمغرب، بعد مدة من القطيعة، اعتُبر إيرانياً مكسباً مهماً، لم يكن ليرق للكثيرين في الداخل الإيراني، وعلى رأسهم مؤسسة الحرس الثوري والمحافظين المتشددين. وأشار موسى إلى أن "المغرب من البلدان المشكّلة للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وإسقاط تمرد الحوثيين، الورقة الإيرانية في اليمن، لذلك بات المغرب في مرمى نيران الحرس الثوري الإيراني أكثر من أي وقت مضى، ولن يفوت الحرس وأدواته أية فرصة للنيل من سمعة المغرب، وتشويه صورته الناصعة دولياً". وفي الحقيقة الخامسة، أورد موسى أن هذه التصريحات والتهم ليست بالأمر الجديد على مؤسسة الحرس الثوري التي تستعمل مثل هذه الأدبيات في خطاباتها الإعلامية الموجهة في الدرجة الأولى إلى الداخل الإيراني، ف"الآخر العربي" ورقة في يد الحرس يستثمرها للتأثير على المزاج الثقافي والسياسي والديني والتاريخي للإيرانيين". واستطرد المحلل بأن الحرس الثوري يعمل أيضا على "شيطنة" الدول العربية وتقديمها بصورة سلبية، بدليل خطاباته الأخيرة، وخاصة بعد انخراط العربية السعودية ودول التحالف العربي في ضرب حركة الحوثيين، وإفشال مخطط "الحرس الثوري" في النفوذ والتغلغل أكثر في الجزيرة العربية. واعتبر موسى أن الحرس الثوري اليوم يحاول إظهار المغرب بصورة سلبية ويختار هذا التوقيت بالذات لتوجيه رسالة إلى الحكومة الإيرانية بأنه غير راض على مساعيها في تطوير العلاقات مع المغرب، وتوجيه رسالة أخرى إلى المغرب مفادها "لم نغفل عن انخراطك في الحرب على الحوثيين".