رمضانات مغرب الأمس (سيرة ذاتية) الحلقة الثانية عشر: اعتقال حميدو الفهامات ---------------- تابع حميدو الفهامات حماقته التي سيندم عليها كثيرا .. كثيرا. مباشرة بعد وصول الإسعاف والشرطة كان أول من ألقوا القبض عليه هو حميدو الفهامات الغياط وجدوه يضغط على قلب العجوز بكل قوته وكأنه مسعف مختص بل وسمعنا الكثير من رجال المطافئ يرددون أنه أنقذه من موت محدد. لكن مفتش الشرطة أراد التحفظ على حميدو الفهامات لأن أحد المسعفين أخبره بأن العجوز ربما تعرض لأخطاء في الإسعاف وأن نبضات قلب العجوز تضعف شيئا فشيئا وأن إنقاذه ممكن لكن ليس بمؤكد كما أكد له أنهم لم يجدوا لدي الضحية محفظة للتحقق من الهوية. خرج والدي وكل الحي بكباره وصغاره يتابعون الحادث . فسمعت أن مفتش الأمن المكلف بمحضر الحادث وجد بعض ممتلكات المريض في جيب حميدو .. وبينما كان حميدو يقسم بالله ويصرخ أنه لم يأخذ أي شيء وإنه كان ينوي تسليم تلك المحتويات للشرطة بمجرد وصولها وأنه قام بذلك لحماية الضحية والتحفظ الأولي على السيارة والممتلكات كأي خبير في الإسعافات الأولية .. أو كمتطفل على عمل ليس بعمله .. انفجر أحد رجال الأمن وقال : - تا موك مكشط السبنيولي وقاعد تقولي إسعافات .. إسعافات سبيطار الحماق خاص موك باش تقاد - آشوف آ الشاف دبا هذاك الطبيب - هاذاك راه غير مسعف ماشي طبيب - أيه عرفتو الموماريض - مالو .. - وراه جاتو مني الغيرة .. حين ديكشي لي عملت هو لي نقد النصراني - ماعلينا وبزطام السبنيولي لي لقينا عندك بالجيب - وا راه ماشي أنا قولتلكوم بلي هاذيك حماية مؤقتة للسيد حتى تجيو انتوما .. - وهادشي قول لقاضي التحقيق غدا - زيد تحرك .. وضعوا يد حميدو الفهامات بالأصفاد وراء ظهره وأركبوه سيارة الأمن وكنا نحن نتحلق حولها لرؤيته ورجال الأمن ينهروننا ويطالبوننا بالإبتعاد . كان يصرخ ويتوعد وهو يردد وا هاذا الظلم. وفجأة خرج بين الناس عمي علي الجار وهو يرتدي جلبابا صوفيا أبيضا وطربوشا شامخا فوق رأسه.. صرخ في مفتش الأمن وقال : - أنا لي قولتلو يجمع كولشي ويخبعو فالجيب قبل ما يجيو الشفارا .. والسيد مظلوم .. إلى ماش تديواه .. حتى أنا شريك ,, أنا لي طيحة عليه الفكرة وهو كيحاول يساعد النصراني - كيفاش .. ؟ - آيه أسيدي .. وها الناس شاهدين مراتي وولادي كانوا كيطلوا من الطاقات وشافوا كلشي .. حميدو الفهامات .. ما عمل ولو - إيه آشريف .. حنا كنا معاه وكان كيعاود البينطاخات ( الأكاذيب ) ديالو ومن بعد مشا يعاون النصراني ازداد عدد المتفرجين والفضوليين من الحومة التحتانية وحتى الراكيبن كانوا يتوقفون للإستفسار عما يحدث وصلت سيارة أخرى للشرطة .. وكان على متنها ضابط كبير ثم تلتها سيارة كانت تحمل أرقاما ديبلوماسية .. نزل الجميع من سياراتهم ومعهم طبيب سارع بالركوب في سيارة الإسعاف قبل إنطلاقها . توجه الجميع إلى ضابط الأمن بينما سارعت السيارة الدبلوماسية تلاحق سيارة الإسعاف .. عرفت وبعد سنين طويلة أن ذلك العجوز لم يكن سوى أحد الدبلوماسيين الإسبان بمنطقة طنجة الدولية وأنه قرر العيش في المغرب بعد الإستقلال حيث تدهورت حالته المادية وانقطعت صلاته بأهله في إسبانيا بعد أن اعتنق الإسلام وتزوج بسيدة طنجاوية وأنجب منها ثلاثة أطفال. نظر عميد الشرطة إلى الجميع فرأيت أبي يؤدي له التحية باحترام شديد كما تقدم إليه المفتش المكلف بالمحضر وسلمه بعض الأوراق وبعض المنقولات التي تحفظ عليها. فتح الباب الخلفي لسيارة الشرطة .. وطلب من حميدو أن ينزل - آشنو سميتك وفاين كتسكون .. قيد عندك - سميتي آحمد الخلطي وكنسكن فبافلوري فديك الزنقة الدار الأولا على الشمال - هدا آ السي الكوميسير .( صرخ عملي علي ثانية ) . راه أنااا لي قلتلو يجمع الحاجات الثمينة الفلللوس والمكانا وووالوراق ويخبعهوم وها مراتي وولادي شاهدين - صافي .. صافي .. خليك انت .. خود المعلومات ديالو حتى هو .. تطوع كثيرون للشهادة بأنهم سمعوا عمي علي وهو يأمره بفعل ذلك بينما كان منهمكا في إسعاف العجوز .. وبعد حوارات طويلة وحديث في الراديو اللآسيكلي قاموا بالإفراج عن حميدو الفهامات .. وكانت الساعة قد تجاوزت الرابعة صباحا .. ذهب كل إلى حالته وظل حميدو الفهامات يزورنا من حين لآخر ليحدثنا عن قصصه وبطولاته مع كبار قادة العالم وأشهر لاعبي كرة القدم وعلى رأسهم بيلي الذي كان حميدو الفهامات يؤكد ويقسم بأنه تعشى معه بالصدفة في أحد مطاعم نيويورك وكلنا يعلم أن حميدو الفهامات يتم توقيفه كل أسبوع لأنه لا يحمل بطاقة التعريف .. لكنه ظاهرة حينا واحد النماذج التي صنعت ذاكرتنا الشعبية ومثل حميدو سأقف بكم على نماذج وأشخاص لربما لا يوجد مثال لهم في زمننا الحاضر .. أشخاص كانوا يملكون الزمن ولم يكن الزمن يتأمر فيهم . فما الذي حصل؟ ( يتبع ) صفحة الكاتب : www.acradiousa.com