بعد أن توقع مركز الظرفية الاقتصادية تحقيق المغرب لنسبة نمو في 5.2 في المائة خلال العام الحالي وهو أعلى توقع صادر عن مؤسسة مالية، عاد نفس المركز لكي يحمل أخبارا غير سارة للحكومة بخصوص النمو الاقتصادي خلال السنة القادمة والتي ستكون آخر سنة في عمر الحكومة الحالية. وجاء في المذكرة الصادرة عن المركز حول النمو في المغرب أن هذا الأخير سيعرف تراجعا كبيرا لنسبة نموه خلال السنة القادمة، لتتراجع من نسبة 5.2 في المائة خلال هذه السنة إلى 2.8 في المائة خلال السنة المقبلة وهي ثاني أضعف نسبة نمو يحققها المغرب خلال السنوات العشر الماضية بعد نسبة 2.2 في المائة المحققة سنة 2014. توقعات مركز الظرفية الاقتصادية لن تنظر إليها الحكومة بعين الرضا خصوصا وأن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران أعلن قبل أيام قليلة في العاصمة الفرنسية باريس أن المغرب أصبح يراهن على تحقيق نسبة نمو في حدود 7 في المائة خلال السنوات المقبلة. وبرر المركز توقعاته "المتشائمة"، بعامل أساسي وهو أن نسبة النمو الاستثنائية المحققة خلال هذه السنة مردها إلى الموسم الفلاحي الجيد والظروف المناخية الملائمة، إلا أن هذه الظروف لا تتسم بالاستمرارية، وأكد خبراء المركز أنه بالنظر لمعدل التساقطات المطرية التي عرفها المغرب خلال السنوات الأربع الماضية يظهر أن مستوى التساقطات خلال الموسم الفلاحي الحالي "تبقى استثنائية وهناك احتمال كبير بألا يتم تحقيقها خلال السنة المقبلة". وانتقلت مذكرة المركز للحديث عن أوضاع القطاع الصناعي خلال السنة المقبلة، فمن جهة هناك تراجع أسعار المواد الأولية وكلفة الإنتاج، وتحسن الإنتاج الموجه نحو التصدير، ومن جهة ثانية هناك تراجع الطلب الداخلي بسبب "محدودية مداخيل الأسر المغربية بالإضافة إلى أزمة التشغيل"، وهو ما سيؤثر سلبيا "ليس فقط على القطاع الصناعي وإنما على جميع القطاعات الإنتاجية". وألقت الدراسة بالمسؤولية على عاتق الحكومة لإعطاء دفعة للقطاعات الإنتاجية في المغرب، عبر وضع قانون للمالية يولي أهمية للاستثمار العمومي، بيد أن نفس الوثيقة عبرت عن قلقها من كون قانون المالية للسنة القادمة سيأتي على غرار قانون المالية الحالي، "ولن يعطي هامشا كبيرا للاستثمار"، بسبب حجم المديونية العامة للمغرب ومستوى المداخيل الضريبية الذي لم يصل بعد للمستوى المطلوب. واستدلت الدارسة بأوضاع مداخيل الأسر المغربية ارتفاع نسبة البطالة خصوصا في صفوف الشباب، لكي تؤكد أنه أصبح من الملح الإسراع في إطلاق البرامج الرامية إلى إعادة هيكلة الاقتصاد المغربي، من خلال الرفع من القدرة الإنتاجية للمغرب وتنويع المنتجات الموجهة نحو الخارج وأيضا تنويع الأسواق. ودعت الدراسة المغرب ألا يعول كثيرا على تحسن الوضع الاقتصادي الدولي، خصوصا داخل الاتحاد الأوروبي، ذلك أن توقعات صندوق النقد الدولي تفيد بأن الاقتصاد العالمي سيعرف نسبة نمو في حدود 3.8 في المائة خلال العام المقبل، أي بزيادة 0.3 نقطة عن العالم الحالي، وهو معدل لن يؤثر بشكل كبير على الوضعية الاقتصادية للمغرب.