رغم أن كل التقارير الدولية تشير إلى أن المغرب سيحقق نسبة نمو مرتفعة خلال هذه السنة والسنة المقبلة، إلا أن توقعات المركز المغربي للظرفية سارت في اتجاه أن المغرب لن يحقق نسبة تتعدى 2.8 في المائة في 2016. وعزا المركز في آخر تقرير له، هذا الهبوط بشكل أساسي إلى التراجع المتوقع للإنتاج الفلاحي الذي استفاد خلال العام الحالي من ظروف مناخية جد ملائمة طوال الموسم، والتي تمخضت عن تحقيق محاصيل استثنائية وعن نمو القطاع الفلاحي بنحو 16 في المائة. واستبعد المركز، الذي يرأسه الحبيب المالكي، القيادي الاتحادي والوزير السابق، أن تتكرر نفس الظروف المناخية الاستثنائية خلال الموسم الفلاحي المقبل، مشيرا إلى أن توقعاته بشأن معدل النمو، التي اعتمدت متوسط الإنتاج الفلاحي خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، تترقب تراجع القطاع بنحو 6 في المائة في 2016 مقارنة مع السنة الحالية. ويرى المركز أن الأداء المتوقع للقطاع الصناعي مرتبط بعدة عوامل، منها أسعار المواد الطاقية التي يستوردها المغرب بكثرة، والمواد الأولية، والتي تعرف انفراجا منذ سنة، وكذلك كلفة الإنتاج واليد العاملة التي تعرف استقرارا نسبيا في المغرب. غير أن التقرير حذر من الوقع السلبي لانكماش الطلب الداخلي نتيجة الضغوط على الدخل والتشغيل ومستوى المعيشة، والتي يمكن في نظره أن تفاقم الصعوبات التي يواجهها القطاع. وتوقع أن يعرف معدل نمو الطلب الداخلي تراجعا إلى 2.9 في المائة في 2016 مقابل 3.8 في المائة في 2015. إضافة إلى ذلك يرى المركز المغربي للظرفية، أن بطء تعافي الاقتصاد العالمي، خاصة الأوروبي، سيكون له وقع على الطلب الخارجي الموجه للمغرب، والذي سيتراجع معدل نموه من 4.7 في المائة في 2015 إلى 4.1 في المائة في 2016. ورغم ذلك توقع المركز أن يحقق القطاع الصناعي نموا بنسبة 3.2 في المائة في 2016 مقابل 2.8 في المائة في 2015. كما توقع المركز معاودة انتعاش قطاع البناء والأشغال، الذي توقع أن يعرف نموا بنسبة 2.5 في المائة في 2016 مقارنة بنحو 1.5 في المائة في 2015، وكذلك قطاع الخدمات والتجارة الذي توقع نموه بنسبة 4.7 في المائة في العام المقبل بعد 4.4 في المائة خلال العام الحالي. وأشار المركز إلى أن التذبذب الكبير الذي يعرفه معدل نمو الاقتصاد المغربي من سنة إلى أخرى، والذي ارتفعت حدته في السنوات الأخيرة، يتطلب تسريع برامج إعادة هيكلة الاقتصاد المغربي، خاصة تلك الهادفة إلى رفع القدرات الإنتاجية وتنويع المنتجات والأسواق من أجل وضع الاقتصاد على أسس نمو أكثر صلابة وأقل تقلبا. واستبعد المركز إمكانية اعتماد الحكومة على سياسة الميزانية لتحفيز النمو عبر زيادة حجم النفقات الاستثمار، مشيرا إلى أن الوضع الحالي للضرائب والمديونية الحكومية تحد من هامش الحركة على هذا المستوى. وكان تقرير للبنك الدولي حول الآفاق الاقتصادية العالمية، توقع أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي بالمغرب 4.6 في المائة سنة 2015، بدل 3 في المائة السنة المنصرمة، ليصل إلى 4 في المائة سنة 2016، و4.5 في المائة سنة 2017، كما أفاد البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية بأن الاقتصاد المغربي يرتقب أن يحقق نموا بنسبة 4,6 في المائة في 2015، و5 في المائة في 2016، وعزا البنك الأوروبي، ومقره بلندن، في تقريره الأخير حول الآفاق الاقتصادية الإقليمية انتعاش نمو اقتصاد المملكة إلى القفزة التي حققها قطاع الفلاحة، وانتعاش الصادرات ذات القيمة المضافة العالية وانخفاض أسعار البترول.