استأثرت زراعة وإنتاج الشمندر السكري، في المواسم الفلاحية القليلة الماضية، باهتمام كبير من طرف فلّاحي ومزارعي منطقة دكالة، وعرفت مساحة الأراضي المزروعة تزايدا مطّردا سنة بعد أخرى، حتى صار بعض الفلاحين الصغار معتمدين بشكل حصري على المداخيل الواردة من هذه الزراعة لكسب قوتهم، فيما ركّز فلاحون كبار على زراعة الشمندر للاغتناء السريع. عبّود غانم، فلّاح مهتمّ بزراعة الشمندر السكري بمنطقة الرمولة الواقعة بتراب الجماعة القروية خميس متوح إقليمالجديدة، وفي تصريحه لهسبريس، أشار إلى أن الموسم الحالي لزراعة الشمندر السكري بدكالة قد انطلق بداية شهر أكتوبر من السنة الماضية، فيما يعمل الفلاحون في الوقت الراهن على جني محاصيلهم من الشمندر، بعدما انطلقت عملية "القلع" منتصف شهر أبريل، ما يعني أن هذه الزراعة تتطلب أزيد من سبعة أشهر من العمل والتتبع. وعن تفاصيل العملية، فقد أوضح ذات المتحدث أن الفلاحين يعملون في البداية على حرث أراضيهم الفلاحية بشكل عادي، وإعادة تهيئتها بما يُطلق عليه اسم "الكوفير" مع رشّها ببعض الأسمدة، ثم يقومون بتخطيطها ورشها بسماد آخر قبل الشروع في عملية زرع بذور الشمندر، والتي تتم إما باستقدام عدد من العمّال، أو استعمال الآلة المساعدة على زرع مساحات كبيرة في وقت وجيز. وبعد أن يواظب الفلاح على سقي الأراضي المزروعة بالشمندر السكري، ورشها بين الفينة والأخرى بالأسمدة و"الملح" لمدة تصل إلى سبعة أشهر، يضيف عبّود، تبدأ عملية الجني وفق تنسيق محكم بين الفلّاح ومعمل السكر، حيث يتم منح الفلّاح الإذن بقلع منتوجه، وذلك في إطار الإجراءات التنظيمية التي يسطرها المعمل ضمانا لحسن سير عملية استقبال منتوجات الفلّاحين. وتتم عملية جني الشمندر السكري، حسب عبّود غانم، بسقي الأرض المراد "قلعُها" حتى تصير تربتها هشة وقابلة للحَفر، حيت يتم في صباح اليوم أو اليومين المواليين، استقدام عُمّال مُياومين يتوزعون إلى فريقين، أحدهما يُطلق على عناصره اسم "الكلّاعة" الذين يتقاضون حوالي 100 درهم في اليوم الواحد، وفريق ثانٍ يتكون من عدد من "الكرّاجة" الذين يحصلون على قرابة 80 درهم. ويكمن دور الفريق الأول في قلع حبات الشمندر السكري وإخراجها من تحت الأرض باستعمال أداة فلاحية خاصة، فيما يتكلف الفريق الثاني بقطع أوراق الشمندر وعزلها عن الحبّات باستعمال المناجل، مع احترام التقنية الخاصة بهذه العملية المحفوفة بالمخاطر، والتي يحاول ممارسها عدم إصابة أصابعه من جهة، والإبقاء على أكبر جزء من حبة الشمندر من جهة ثانية. وفي الوقت الذي يحتفظ الفلاح بأوراق الشمندر من أجل تقديمها عَلَفًا لماشيته، تُنقل حبات الشمندر، عبر الشاحنات أو مقطورات الجرارات الفلاحية، إلى معمل السكر المتواجد بمدينة سيدي بنور، إذ يتم قياس درجة "الحْلاوَة" التي تعتبر المعيار الوحيد لتحديد سعر المنتوج، فيحصل الفلاح على مقابل مالي مهم من معمل السكر إذا أغدقت عليه أرضه بشمندر عالي الدرجة، ويحتوي على نسبة كبيرة من السكر. وأكّد ذات المتحدث على أن نسبة السكر في الشمندر تتأثر بكمية الأسمدة المستعملة خلال المراحل السابقة، حيث كلما ارتفعت كميات الأسمدة كلما زادت مردودية الأرض وتناقصت درجة "الحْلاوَة" في الشمندر، في حين يُسفر استعمال الأسمدة في حدودها المقبولة عن إنتاج كميات متوسطة من الشمندر لكن بدرجة عالية من السكر.