بخلاف الجلسات السابقة، اتسمت جلسة الأسئلة الشهرية المتعلقة بالسياسات العامة، لرئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، بكثير من الهدوء، وذلك في جولتها الثانية، بعدما تم رفعها بسبب مواجهات كلامية على خلفية اتهامات متبادلة بين بنكيران وأحزاب المعارضة "بالسفاهة". وفي جوابه على سؤال لفرق المعارضة حول الحوار الاجتماعي، أكد رئيس الحكومة، اليوم بمجلس النواب، على أنه "لا زيادة حاليا في الأجور"، لأن "الوضعية الراهنة للمالية العمومية لا تسمح باعتماد إجراءات ذات انعكاس مالي غير متحمل بالنسبة لميزانية الدولة". وسجل رئيس الحكومة شارحا بأن "كتلة الأجور وصلت إلى مستويات جد مرتفعة مقارنة مع محدودية المداخيل، حيث إن هذه الكتلة ترتفع تلقائيا، بحكم الترقيات السنوية، دون اتخاذ أي إجراء جديد ب 5 مليار درهم". وكانت عدد من النقابات قد طالبت بالزيادة في الأجور بنسبة 25 في المائة للموظفين والمستخدمين، وهو ما يتطلب حسب رئيس الحكومة 27 مليار درهم إضافية سنويا بالنسبة للموظفين، أي نحو 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام. ومن بين مطالب النقابات الدعوة إلى مراجعة جدول الضريبة على الدخل، بانعكاس مالي يقدر ب 5 مليار درهم، وتنفيذ إحداث درجات جديدة، بانعكاس مالي سنوي قدره 5 إلى7 مليار درهم، بالإضافة إلى الزيادة في معاشات المتقاعدين ب 600 درهم في الشهر، ما يتطلب حوالي 4.2 مليار درهم إضافية كل سنة. واستدرك رئيس السلطة التنفيذية بأنه رغم ذلك، فإن "الحكومة تبقى منفتحة لدراسة المقترحات والاستجابة إلى ما هو ممكن منها"، معللا ذلك بأن "لا يضر بالتوازن خصوصا الذي من شأنه تركيز الاهتمام على الفئات الاجتماعية الهشة، والموجودة في أدنى السلم". وبعدما أكد بنكيران أن "الأجواء مع النقابات المستقلة ليست متسمة بالتوتر"، انتقد "حديث المعارضة عن كون التعويض عن الشغل أكذوبة"، مردفا أن "الإصلاح الذي جاءت به الحكومة بعد 10 سنوات من "البلوكاج" هدفه التعويض عن الشغل، وليس الكذب"، مؤكدا "أن الحكومة لا تكذب". وفي موضوع إصلاح التقاعد، تمنى رئيس الحكومة على المعارضة "أن يكون لحظة إجماع وطني"، مشيرا إلى أنه "لا إصلاح للتقاعد إلا ما جاءت به الحكومة، وهو المقترح الوحيد الموجود، والذي توصلت إليه النقابات والمجلس الأعلى للحسابات". "كدنا نقوم بالإصلاح في أنظمة التقاعد، لكن بسبب الخلافات مع النقابات تم تأجيله"، يقول بنكيران الذي أوضح "أننا نعطل هذا الإصلاح الذي يجب أن يكون في أدنى الآجال لصالح الموظفين، وتحتاج إصلاحا شموليا للقطاع العام والخاص". وعاد بنكيران إلى موضوع الحوار الاجتماعي مؤكدا أنه "لم ينقطع بين الحكومة والنقابات، بالرغم من اختلاف المواقف والتصورات بين الأطراف، وهو أمر طبيعي"، مبرزا أن "الحكومة منفتحة لدراسة المطالب الواقعية التي تراعي المصالح المالية للدولة". وأكد بنكيران حرص الحكومة، منذ تنصيبها، على إرساء آليات وقواعد الحوار الاجتماعي، عبر جملة من المبادرات الهادفة إلى مأسسته، موضحا أنه عُقدت عدة لقاءات ثنائية وجماعية مع المنظمات النقابية والشركاء الاقتصاديين، مما مكن من تعزيز السلم الاجتماعي.