فيما انكبت ردود الفعل إزاء الرفع من سعر الجرائد بالمغرب، الذي انتقل من 3 دراهم إلى 4 دراهم، على تناول الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وحتى الإعلامية لهذا القرار، اختار البعض الآخر التطرق إلى الحيثيات القانونية التي استند إليها قرار الزيادة في سعر الصحف الورقية بالبلاد. الدكتور عبد الرحيم العلام، الباحث في العلوم القانونية والسياسية، قال لهسبريس في هذا الصدد إن قانون المنافسة رقم 104.12 يُطبق على "جميع الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين، بمجرد ما يكون لعملياتهم أثر على المنافسة في السوق المغربي"، وهذا يعني أن الجرائد بما هي مؤسسات مستقلة عن بعضها البعض، مشمولة بمواد هذا القانون. وذهب العلام إلى أن "خطوة الإقدام الجماعي على رفع سعر الجرائد ينبغي أن تخضع لقانون المنافسة، وذلك إما بوقوعها تحت طائلة مخالفة قواعد المنافسة المنصوص عليها في المادتين 6 و 7، أو الاستفادة من استثناءات المادة 9، مبرزا أن "الجرائد المغربية خالفت المادتين 6 و7 من جهة، ولم تحصل على إذن من مجلس المنافسة حسب المادة 9. واسترسل العلام، وهو حاصل على دكتوراه في القانون العام، بأن رفع أسعار الجرائد يخالف المادة 6 التي "تحظر الأعمال المدبرة أو الاتفاقيات أو التحالفات الصريحة أو الضمنية، كيفما كان شكلها وأيا كان سببها، عندما يكون الغرض منها أو يمكن أن تترتب عليها عرقلة المنافسة، أو الحد منها أو تحريف سيرها في سوق ما". وتضيف المادة القانونية "لاسيما عندما تهدف إلى: الحد من دخول السوق أو من الممارسة الحرة للمنافسة من لدن منشآت أخرى؛ عرقلة تكوين الأسعار عن طريق الآليات الحرة للسوق بافتعال ارتفاعها أو انخفاضها؛ حصر أو مراقبة الإنتاج أو المنافذ أو الاستثمارات أو التقدم التقني؛ تقسيم الأسواق أو مصادر التموين". ورأى الباحث أن قرار الجرائد بالرفع الجماعي للسعر يساهم في عرقلة تكوين الأسعار عن طريق الآليات الحرة للسوق بافتعال ارتفاعها، لأن هذا الاتفاق الجماعي يوفر أحد أركان ثبوت الإخلال بقواعد المنافسة، وهو التواطؤ الجماعي على الرفع من أسعار المنتوج، دون أن تتوفر للزبائن حرية البحث عن بدائل، وفق الفقرة الثانية من المادة 7 ". واستدرك المتحدث بأن "المشرع المغربي لم يعط تعريفا لمفهوم الاتفاقيات الجماعية، لكن جرى العمل على أنها اتفاق بين مجموع إرادات تمارس نفس النشاط على التحكم في أسعار السوق، مما لا يضمن حرية المنافسة"، مردفا أنه "بما أن الجرائد المغربية تنتمي لنفس المجال، ولأنها تواطأت على الرفع من السعر، فهي مشمولة بالمادتين 6 و 7. وأكد الباحث على أن "الأركان الثلاثة التي بها يعتبر نشاطا ما منافيا لقواعد المنافسة، قد توفرت في قرار رفع السعر الذي باشرته الجرائد المغربية: الأول هو التواطؤ على رفع السعر؛ والثاني هو المسّ بالمنافسة، بينما الثالث يتمثل في الإضرار بالزبائن عن طريق منعهم من البدائل". وبعد أن استفاض العلام في تحليل مواد قانوننة بهذا الشأن، أبرز أن الجرائد المغربية كانت ملزمة قبل أن تتخذ قرار رفع الأسعار، أن تتوجه إلى مجلس المنافسة لكي تحصل منه على إذن بذلك، وتثبت له أن قرارها لا يشكل خطرا على المنافسة الحرة، أو أن اتفاقها يخضع للفقرة الأخيرة من المادة 9 ". وخلص العلام إلى أنه "بما أن كل هذا لم يحصل، وبما أن مجلس المنافسة لم يصدر عنه أي قرار بعد، فإن من حق الأطرف والأغيار الدفع ببطلان هذا الاتفاق، كما يمكن للمحاكم المختصة أن تبث في الأمر، إذا ما أحيل إليها من طرف مجلس المنافسة حسب ما تنص عليه المادة 10 من القانون 104.12".