قضى القضاء الزجري للدار البيضاء، منتصف دجنبر الجاري، بأحكام سجنية في حق عدد من المنتمين لمافيا عقارية شهيرة بمدينة طنجة.. وجاء منطوق الحكم متراوحا ما بين 10 سنوات وسنتين اثنتين من السجن النافذ في حق ثلاثة أفراد لازالوا متمتّعين بحرّيتهم رغم نهائية المنطوق، حيث يتعلّق الأمر بالموثق "ع.ن" الذي نال العقوبة الأكبر و"ع.ح" الذي طالته العقوبة الدنيا، وكذا رجل المال والأعمال "ص.أ" المُدان بأربع سنوات نافذة. الحكم المرصود، والذي لم يطل تنفيذه المُدانين، جاء ضمن أقدم ملف يروج أمام القضاء بخصوص السطو العقاري بالمغرب.. وتعد ضحيته هي المواطنة الفرنسية "هُوكِيت دِيسبرا روز ماري ماوزر" التي سبق وأن ورثت قطعة أرضية في وسط مدينة طنجة، ذات رسم عقاري عدد 197، والتي قالت بأنّ الفريق الذي نال من عقارها ينتمي لثلّة تعرفها ساكنة طنجة بدأبها على ممارسة مثل هذه الأنشطة الإجرامية.. أبرزها الموثق "ع.ن" رجل الأعمال "ص.أ" إضافة ل "ع.ح" و "م.ب" وكذا "ل.م.ب" والمحافظ العقاري السابق بالمنطقة. وحسب الوقائع التي أخذت بها استئنافية الدارالبيضاء فإنّ عملية السطو على قد انطلقت عام 1989 بعملية تزوير تمّت بإسبانيا وطالت عقد بيع وهمي للأرض ذات الرسم العقاري 197 بطنجة، إذ حملت الوثيقة الوهمية اسم "ل.م.ب" بصفته مشتريا للعقار.. وبعدها تمّ تفعيل جملة من عمليات البيع والشراء في مدّة قصيرة لم تتعدّ ال3 أشهر وبإشراف من الموثق "ع.ن".. حيث تمّ تفويت الأرض بداية إلى رجل الأعمال "ص.أ" ثمّ "م.ب" ومنه إلى "م.ي"، كما رُصد بأنّ رسوم التسجيل وواجبات الضريبة العقارية قد أديت مبالغها نقدا من المال الخاص للموثق "ع.ن". مسار البت القضائي في النازلة عرف بدوره استثناءات غريبة، إذ بعد أن اكتشفت الضحيّة الفرنسية التفويتات التي طالت عقارها عمدت إلى التقدم بشكاية للنيابة العامة سجّلت باستئنافية طنجة عام 1991، إلاّ أنّ أوّل جلسة للمحاكمة لم تنعقد إلاّ بحلول العام 2005.. أي بعد 15 سنة من الانتظار.. وانتهت بإصدار حكم ابتدائي من غرفة الجنايات ببراءة المتّهمين قبل أن يزكّى ضمن المرحلة الاستئنافية عام 2008.. إلاّ أنّ عرض القضية على أنظار المجلس الأعلى نفس العام أُعقب بإصدار قرار، عام 2010، بإحالة القضية على جنايات الدارالبيضاء. وفي أولى ردود الفعل على الحكم الصادر في قضية "أقدم سطو عقاري معروض على القضاء المغربي" قال النقيب المحامي عبد الرحيم الجامعي: "إنّ فريق السطو على الرسم العقاري عدد 197 بطنجة، قبل أزيد من 21 سنة، لا زال يتمتع بالحرية رغما عن حكم الإدانة، وأنّ الضحية الفرنسية، التي جاوزت ال80 من العمر، لن تستردّ وفق هذا المعطى عقارها إلا بعد مساطر جديدة ستستغرق أعواما إضافية.. وذلك بفعل بطء القضاء في التعامل مع الملف وتعقّد المساطر التي تسهم في تعذيب الضحايا وتجعل المتلاعبين مستمرين في نشاطاتهم".