أيام قليلة بعد إعلان المندوبية السامية للتخطيط عن أرقام صادمة حول نسب البطالة في المغرب، أصدر الاتحاد العام لمقاولات المغرب دراسة تقدم رؤية رجال الأعمال المغاربة لحل مشكل البطالة والإجراءات الكفيلة بالحد من استفحال هذه الظاهرة وجعل سوق الشغل أكثر مرونة وقدرة على استيعاب الشباب الباحث عن عمل. وأقرت الدراسة التي تحمل عنوان "المرونة المسؤولة لخدمة التنافسية والعمل"، بأن المغرب يعرف أزمة نمو "حادة ومستمرة" وفي حال استمر الوضع على ما هو عليه فإن الاقتصاد المغربي "لن يكون قادرا على تقديم الإجابات الضرورية لمشكل البطالة" تجزم الدراسة. وأكدت الوثيقة المكونة من أكثر من 50 صفحة أن حل مشكل البطالة يتطلب إصلاحا هيكليا لسوق الشغل بالإضافة إلى تغيير طريقة تعامل الفاعلين السياسيين والفرقاء الاجتماعيين مع المشكل، "وإلا فلن ننجح في إصلاح هذا العطب المجتمعي الذي يمنع فئة واسعة من الولوج لسوق الشغل"، وأضافت الدراسة أن "خلق مناصب الشغل لا تأتي عبر الارتجال وإنما يحتاج الأمر إلى ثورة في ثقافة التعامل مع قضية البطالة". ودعت الباطرونا إلى مواجهة الواقع الصعب لمسألة خلق مناصب الشغل في المغرب والمتميز بضعف توظيف الشباب الحامل للشهادات وعدم قدرة الاقتصاد المغربي على تحسين أدائه فيما يتعلق بتسهيل الولوج إلى سوق الشغل، مقترحة أن يتم منح المقاولات المغربية "مرونة أكثر في التوظيف مع الحفاظ على الأمن الاجتماعي للعمال وحماية جميع حقوقهم". ويقصد بالمرونة التي تتحدث عنها الباطرونا هو عدم الاقتصار على عقود العمل لأجل غير محدد المدة (CDI)، وهو النموذج الذي تبناه المغرب منذ أكثر من 60 سنة، بل أن تكون "هناك مرونة مسؤولة" تقوم على تنويع عقود العمل لتشمل عقود عمل "لمهام مؤقتة"، وعقود "عمل لدوام جزئي"، وعقود "العمل الوحيد" التي يمكن أن تعوض عقد العمل المحدد المدة (CDD). واعتبرت الباطرونا أن عقود "العمل الوحيد" ستمكن من حذف مفهوم العقود المحددة المدة وستقضي على الفوارق بين العمال المتوفرين على عقود عمل غير محددة المدة والعمال أصحاب عقود عمل محددة المدة، مؤكدة في الوقت ذاته أن هذا النوع من عقود العمل سيجشع المقاولات على خلق مناصب شغل "لأنه في حال إنهاء عقد العمل سيضمن العامل حقوقه دون المرور عبر مسطرة معقدة ومكلفة بالنسبة للمقاولة". وجاءت الدراسة بما أسمته حلا جديدا لجعل سوق الشغل أكثر مرونة وهو "إنهاء عقد العمل بالتراضي" الذي سيكون بديلا عن الاستقالة أو الطرد، ويقوم هذا الحل على "الاتفاق بين الطرفين على إنهاء عقد العمل حتى وإن كان عقد عمل طويل المدة"، كما أنه "أكثر سهولة لأنه يقوم على التفاوض بين الطرفين عوض اللجوء إلى المحاكم". ولفتت الدراسة إلى أن "إنهاء عقد العمل بالتراضي" منصوص عليه في قانون الشغل لكنه غير معروف لدى فئة واسعة من العمال، "رغم كونه يؤمن جميع حقوق العمال"، كما يتيح الحق للعمال بأن يستفيدوا من متابعة المكتب لإنعاش الشغل لإيجاد عمل جديد وأيضا الحصول على دورات تكوينية. كل هذه الاقتراحات التي من شأنها جعل سوق الشغل "أكثر مرونة" حسب "الباطرونا"، ستشجع المقاولات على خلق مناصب شغل جديدة، لأن أغلب أصحاب المقاولات "يعزفون عن توظيف عمال جدد لأنهم يعلمون أنه في حال الرغبة في إنهاء العقد فهناك إجراءات معقدة وتكاليف يمكن تجاوزها في حال اللجوء إلى عقود عمل متنوعة". ولم يفت الباطرونا أن تدعو الدولة لتحمل مسؤوليتها في تطوير سوق الشغل من خلال السهر على توفير تكوين أفضل لفائدة العمال الذين فقدوا عمالهم أو الذين مازالوا في مرحلة البحث عن عمل، بالإضافة إلى توفير التعويضات عن فقدان الشغل وهي الخطوة التي أطلقتها الحكومة خلال الأسبوع الماضي.