شحذت صحفٌ وأقلامٌ في كل من موريتانياوالجزائر، في الفترة الأخيرة، سكاكينها الحادة للهجوم المتبادل بين الطرفين، على خلفية طرد نواكشوط لدبلوماسي جزائري تورط في نشر خبر يسيء للعلاقات المغربية الموريتانية، قبل أن ترد الحكومة الجزائرية بطرد دبلوماسي موريتاني من أراضيها. وأفضت واقعة طرد الدبلوماسييْن الموريتاني والجزائري إلى احتقان سياسي ظاهر بين البلدين، صاحبه شنآن إعلامي كثيف اندلع بين صحف ومحللين وكُتاب في كل من موريتانياوالجزائر، حيث دافع كل طرف على مشروعية قرار سلطات بلده بطرد "دبلوماسي غير مرغوب فيه". وأوردت صحف موريتانية أنه من سيادة البلاد أن تعمل على طرد أي شخص كيفما كانت هويته ومهنته وجنسيته تم ضبطه متورطا في الإساءة إلى العلاقات التي تربط موريتانيا بجول أخرى، مستدلة بحادثة طرد صحفي مغربي سنة 2013 من نواكشوط، بتهمة "خرق القوانين والأعراف المتعلقة بإقامة الأجانب". واتهمت جريدة "أتلنتيك ميديا" الإلكترونية الموريتانية ما سمتها بصحافة المخابرات الجزائرية، بأنها "تحفر في الظلام"، و"تريد لقضية طرد المستشار الأول بالسفارة الجزائرية في نواكشوط، بلقاسم الشرواطي، أن تسير في غير مجراها الصحيح، ولكنها عبثا تحاول ذلك". وتابع الموقع ذاته بأن "موريتانيا لن تقبل لصحافة المخابرات الجزائرية أن توقع الضغائن مع جارتها المملكة المغربية"، قبل أن يؤكد أنه "إذا كانت قضية الصحراء هي ما تريده الصحافة الجزائرية الإيقاع بنا فيه، فإن الحكومة الموريتانية أعلنت موقفها الحيادي من قضية الصحراء". وبعد أن لفت المصدر ذاته إلى أنه "يوجد من بين الشخصيات الموريتانية من يساند قضية الصحراء كما منهم من يعارضها"، سجل أن "الاقتصاد الموريتاني يستفيد من المواد التي تصله من المغرب، وفواكهه وخضره الطازجة، بينما لا يصله من الجزائر غير المواد المنتهية الصلاحية أو المخدرات". ومن جهته كتب المحلل الموريتاني محمد نعمه عمر، مقالا في موقع "موريتانيا الآن"، أكد فيه أن "الماكينة الإعلامية في الجزائر جندت نفسها لتسخين الجو والتحامل على موريتانيا، في سابقة جعلت الموريتانيين يستحضرون محطات مهينة من التعامل الجزائري مع موريتانيا". واستنكر الكاتب تصريحات الدبلوماسي الجزائري السابق، عبد العزيز رحابي، الذي قال إن "موريتانيا لها علاقات مع إسرائيل منذ 1999، ويتساءل "ماذا ننتظر من دولة وطدت علاقاتها مع إسرائيل"، معتبرا أن هذه التصريحات تنهل من "قاموس منحط يسمي الأشياء بغير أسمائها، ولا يفرق بين الأشراف والأوباش". وذكر الكاتب الموريتاني أن "رحابي لم يسمع أن العلاقات الدبلوماسية بين موريتانيا وإسرائيل قطعت نهارا جهارا من قبل النظام الحالي، وأن الشعب الموريتاني يرفض الخضوع والخنوع للإملاءات الخارجية"، مطالبا الجزائر بوقف ما سماها حملة التشهير المنظمة ضد موريتانيا وشعبها". ومن جهتها اتهمت صحف جزائرية الحكومة الموريتانية بنكرانها للجميل والعرفان، واختيار الارتماء في أحضان المغرب من خلال تدبير واقعة طرد الدبلوماسي الجزائري، مبرزة أن الجزائر تشكل أحد أهم الدول الداعمة لموريتانيا على مختلف الأصعدة، اقتصاديا وسياسيا وأمنيا. ولجأت جرائد ومنابر جزائرية إلى محللين وسياسيين، سردوا لائحة من مبادرات الجميل التي قدمتها بلدهم لموريتانيا، ومنها "دعم الجزائر لسيادة موريتانيا، وتأميم شركات المعادن، وإنشاء العملة الموريتانية المستقلة الأوقية، ودعمها للشعب الموريتاني، وعلى رأسها أحداث 1989، والتي أنقذت فيها الجزائر الموريتانيين من أفران السنغاليين".