يبدو أن حاجة الجار الأوروبي إلى المغرب في مواجهة خطر انتشار مدّ التطرف والإرهاب على أراضيه بات أمرا مؤكداً، حيث استمعت الجمعية البرلمانية الأوروبية في العاصمة البلجيكية بروكسيل قبل أيام لعرض وفد برلماني مغربي حول تهديدات الجماعات المتطرفة، بما فيها تنظيم "داعش"، وسبل التصدي لها، إلى جانب قضايا تعلق بشؤون اللاجئين والهجرة، وهو الموعد الأوروبي الذي يحضره المغرب منذ 2011 ك"شريك من أجل الديمقراطية"، ويحظى فيه بأغلب الحقوق البرلمانية، ما عدا التصويت. البرلمانية نزهة الوفي، شددت في مداخلتها على أن الإرهاب ايديولوجية ولا علاقة له بالإسلام و"لا يمكن تبرير استشراء العنصرية والإسلاموفوبيا باسم محاربة الإرهاب"، موضحة أكثر أن الجماعات الارهابية "لا تمثل القيم الإسلامية لأنّ أفعالهم الواضحة هي ضد الإسلام"، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق بقتل الأبرياء والهجوم على المدنيين وعلى المؤسسات العمومية "لا يمكن أبدا تبريرها في أي حال من الأحوال". وقالت الوفي ب"أننا اليوم بصدد الحديث عن داعش وليس الدولة الإسلامية لأن هؤلاء الإرهابيون لا علاقة لما يفعلونه بإسم الإسلام"، محذرة من الخلط الذي قد يحصل بين الإسلام والإرهاب، والذي يعطي الفرصة للمتطرفين في كسر الثقة بين المسلمين والمسيحيين واليهود، "نحن في المغرب نعيش كمواطنين جنباً إلى جنب في نموذج للتسامح والتعايش بين الأديان". وترى المتحدثة أن محاربة الإرهاب بما فيها "داعش" يقتضي وجود أجوبة سياسية واضحة تهم "تعميق الدعم الأوروبي للانتقال الاقتصادي والديمقراطي في العالم العربي"، مبرزة أن المغرب من بين الدول القلائل الني وضعت إطارا قانونيا واسعا لحصر ومواجهة ظاهرة الإرهاب، حيث صادقت المملكة، تضيف الوافي، على معظم المعاهدات الدولية لمكافحة الإرهاب، "عمل المغرب على تكييفها مع ترسانته القانونية، بما فيها القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية". وأثارت الوفي أن محاربة "داعش" في المنطقة، تقتضي "حماية الشباب من التغرير والتلاعب بالدين والثقافة"، مقدمة تجربة المغرب في هذا المجال، من حيث إعادة هيكلة الحقل الديني وتفعيل دور الإمام في المجتمع وللمكانة الهامة للمرأة في الإصلاحات المطروحة، مشيرة إلى عمل المغرب على تعزيز دور المرشدات الدينيات في الحقل الديني، "اللائي يلعبن دورا هاما إلى جانب الرجل في تثبيت دعائم إسلام عصري ومتسامح"، فيما كشفت عن الرغبة المتواصلة لعدد من الدول الإفريقية والأوروبية في الاستفادة من النموذج المغربي في برامج تكوين الدعاة والأئمة من أجل مواجهة التطرف في بلدانهم. من جهته، اعتبر محمد يتيم، وهو يتحدث عن أزمة اللاجئيين السوريين، أن خلفيات التطرف قادمة من نتائج الأزمة السياسية السورية، مشيرا إلى أن النظام السوري اختار الإجابة على تطلعات شعبه في دولة الحق والعدالة الاجتماعية عبر القمع الدموي ودفع أطراف المعارضة إلى التطرف، وأنه اختار اللعب على الطائفية، على أن تلك الظروف، يضيف يتيم، ساهمت في ظهور الجماعات المتطرفة ك"داعش"، معتبرا أن الحل في تلك الأزمة يقتضي حلا سياسيّا "من أجل وقف نزيف التطرف والإرهاب والكارثة الإنسانية التي يعيشها السوريون". أما المختار غامبو، فأوضح أن الحد من خطر الجماعات المتطرفة، بما فيها "القاعدة" و"داعش"، يستوجب الإجابة المباشرة على عدد من الأسئلة اللازمة، من قبيل "لماذا الجماعات الإرهابية تستهدف تجنيد موالين لها في أوروبا"، و"ماذا عن انجذاب الشباب الأوروبي المسلم نحو عنف القاعدة والدولة الإسلامية"، معتبرا أن الإجابة تقتضي العمل بشكل مشترك بين دول المنطقة "من أجل علاج مشاكل الهجرة والإدماج.. لأن خطر الجماعات الإرهابية يتأتى من الداخل". وأضاف أن المغرب يعد دولة بارزة في منطقة الشمال الافريقي والشرق الأوسط حيث يعمل "ضمن مهامه الجديدة على نشر القيم الديمقراطية وتقليص مساحات التطرف والإرهاب"، داعيا إلى العمل بشكل تشاركي وجماعي، "لأن داعش وغيرها من الجماعات المتطرفة تشكل فقط خطرا على منطقة الشمال الافريقي والشرق الأوسط وأيضا على أوربا.. وحادث شارلي إيبدو أكبر دليل على ذلك".