لم تكن الساعات الأولى من صباح الأحد عادية هنا بالباطوار وسط أكادير، فالإنزال الأمني مكثف منذ الصباح الباكر. رجال الأمن بمختلف رُتبهم حجوا إلى ساحة السلام قرب سينما السلام ونواحيها تأهبا للشكل الاحتجاجي الذي دعت إليه تنسيقية "تاودا ن إيمازيغن" بمناسبة الربيع الأمازيغي، تَافسُوت ن إيمَازيغن. النشطاء الأمازيغ بدأوا في الالتحاق منذ العاشرة صباحا زُرَافَاتٍ ووِحدانا، إلا أن رجال الأمن بزيهم المدني والرسمي يطلبون من كل تجمع تجاوز شخصين أن يغادر المكان. وحدهم أصحاب المقاهي القريبة من المكان يحظون بيوم استثنائي يكسرون به رتابة صباح الأحد الذي يكون هادئا في الغالب. شبّان وشابات بين الغُدُوّ والرواح والحادية عشر موعد المسيرة قد دقّ، والأمن ما يزال مصِرّا على فض كل تجمع تجاوز الفردين، إذ يبدو أن "تاودا" أي المسيرة لم يُكتب لها أن تخطو الكثير من الخطوات. يبدأ رجال الأمن بتوجيه من التحق من النشطاء لمغادرة المكان عبر الشارع المؤدي لمحطة الطاكسيات بالباطوار وحينها بدأ المتجمعون بترديد الشعارات "إيمازيغن.. إيمازيغن". كَرٌّ وفرٌّ.. يصِرّ النشطاء على الاحتجاج بشكل سلمي وإيصال رسالتهم حجوا من أجلها إلى هذا المكان، ورفع صور لمعتقلين أمازيغين، وفي الجهة المقابلة يُصر الأمنيون على فض هذا الشكل الاحتجاجي بحجة غياب ترخيص لتنظيم هذه الوقفة. تدافع وركض في مختلف الاتجاهات واعتقال ناشطة أمازيغية رفقة اربعة آخرين وحجز مجموعة من الأعلام. حتى سلع الباعة وصناديق مُلَمّعي الأحذية المرابضين بأبواب المقاهي والمحلات لم تسلم مما حمله هذا اليوم الاستثنائي. شعارات تندد بالتهميش والإقصاء بعد الاحتفاظ بالنشطاء الخمس داخل سيارة أمنية، لم تمض سوى دقائق على فض التجمع بالقوة وتراكض المشاركين خاصة مع ازدحام الشارع المؤدي للمحطة بسلع الباعة المتجولين والمارة حتى تجمع النشطاء مرة أخرى وسط محطة الطاكسيات وتنظيم حلقية لترديد شعارات تندد باستعمال القوة، والاعتقال رافعين صور الناشطين أوسايا وأعضوش، و مطالبين بوضع حد "خروقات كثيرة تمسّ بالحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية". وقد حضر هذه الوقفة وجوه أمازيغية من الريف ومراكش والرباط ، وأخرى محلية من الفاعلين الأمازيغيين ومن الطلبة. هذا وقد سبق لحركة "توادا نْ إيمازيغن" أن أعلنت في بلاغ صادر عنها عن عزمها الاحتجاج اليوم بأكادير تحت شعار "إيمازيغن بين التهميش، الاعتقال السياسي، نزع الأراضي والإبادة بالغازات السامة". موضحة أنّ نزولها إلى الشارع يأتي في سياق "يطبعه توتر كبير بين السلطة والمعارضة الشعبية وشيوع نوع من الإحباط الذي بدأ يتحول إلى احتقان شعبي يتزايد يوما عن يوم".