يبدو أن الجزائر لم تستسغ ما ورد في تقرير الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة، بان كي مون، الذي رفعه أخيرا إلى مجلس الأمن الدولي، والذي لم يتضمن إشارة إلى توسيع مهام بعثة "المينورسو" لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء، كما أوصى بإحصاء ساكنة تندوف. وفيما لم تعلق الحكومة الجزائرية مباشرة على التقرير الأممي، الذي اعتبره مراقبون خطوة إيجابية في صالح المملكة، فإن مسؤولين انبروا لتوجيه سهام النقد بمناسبة وبدون مناسبة للمغرب، معلنين دعم بلادهم لما يسمونه "حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال". محمد العربي ولد خليفة، رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري، أحد هؤلاء المسؤولين، استغل فرصة استقباله لشباب من تندوف، ليخاطب الرباط بخصوص نزاع الصحراء، مبرزا أنه "لا يوجد صراع مع المغرب على زعامة المنطقة، وإنما هناك ادعاءات يريد المخزن ترويجها" على حد تعبيره. وزاد المسؤول ذاته شارحا "الجزائر أرض واسعة وشاسعة وغنية بثرواتها وشعبها، وليست لها أهداف للذهاب إلى المحيط أو البحر"، قبل أن ينعت من يروج هذه الأقاويل والاتهامات بأنه ينخرط في بوتقة "ادعاءات مغربية يراد من ورائها تضليل الرأي العام الدولي"، وفق تعبيره. ولم يترك رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري الفرصة تمر، دون أن يؤكد ما اعتبره "موقف الجزائر الثابت من القضية الصحراوية، والمساند لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره بنفسه عبر استفتاء حر وعادل نزيه"، وفق منطوق تصريحات ولد خليفة. ورد البشير الدخيل، أحد مؤسسي جبهة البوليساريو، والعائد إلى أرض الوطن منذ قرابة 20 عاما، على تصريحات ولد خليفة، بالقول إن الجزائر تدخلت في تكوين جبهة البوليساريو سنة 197، تدخلا سافرا، وقَتلَت الناس في المنطقة إلى درجة أن صحافيا اسبانيا انبهر مما يحدث، وقال معلقا "أنا أعرف أين تنتهي البوليساريو وتبدأ الجزائر ". واعتبر الخبير في الشؤون الصحراوية، في تصريح لهسبريس، أن كلام ولد اخليفة يوضح ضعف الطرح الجزائري، زيادة على كونه "ضحك على الذكاء البشري"، مستطردا "إذا كانت الجزائر تريد فعلا مصلحة الصحراويين، فما عليها سوى أن تضمن حقوق الإنسان بمفهومها الدولي داخل المخيمات، وأن تفتح أبوابها للإحصاء". وأفاد المتحدث بأن تصريحات المسؤول الجزائري لا تتماشى مع الحقيقة، "لا توجد أية دولة في العالم تشتغل "في سبيل الله"، وأهداف الجزائر سبق أن أفصح عنها الهواري بومدين حين قال في خطابه في عيد العمال سنة 1976 بأنه سيقوم " بوضع حجرة في حذاء المغاربة". وتابع الدخيل بالقول إن "هذا خير دليل على أن الجزائر لا تتدخل في البوليساريو، من أجل مصلحة الصحراويين، ولكن بهدف تصفية الحسابات مع المغرب، واستعمال هذه الورقة من أجل المصالح الجزائرية"، وفق تعبيره. وتساءل الدخيل عن الأسباب الكامنة وراء عدم تعميم تطبيق تقرير المصير على الجميع بدءا من أهل القبايل، قبل أن يخلص إلى أن "السلطات الجزائرية لا زالت تستعمل نفس الطرح، وذات المصطلحات منذ 1975 إلى اليوم.