بيْنما لا تزالُ المشاوراتُ حوْل الصيغة النهائية للفصول المتعلقة بالإجهاض في مشروع القانون الجنائي، وفي الوقت الذي يستمرُّ النقاش العمومي حوْل الموضوع، في ظلّ تبايُن الآراء بشأنه بيْن المؤيّدين للتقنين والمعارضين، ناشدتْ منظمة العفو الدولية (أمنيستي) الدولةَ المغربية بنزع الصفة الجنائية عن الإجهاض. واعتبرت منظمة العفو الدولية المبادرة التي قامَ بها الملك محمد السادس، باستقبال كل من وزير العدل والحريات ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان أواسطَ شهر مارس الماضي، ودعوتهم إلى بلورة صيغة متوافقٍ بشأنها حوْل الإجهاض "فُرْصةً فريدة لتكريس حقوق المرأة". وانضمّت منظمة العفو الدولية إلى صفّ المُطالبين بإباحة الإجهاض، إذْ ناشدت السلطاتِ المغربيةَ باغتنام فرصة المبادرة الملكية التي اعتبرتها "تاريخية"، من أجل نزع الصفة الجنائية عن الإجهاض، وتحسين أوضاع النساء والفتيات في المغرب، "وتمكينهنّ من الخضوع للإجهاض بطريقة سليمة وآمنة". وبيْنما أجّلت وزارة العدل والحريات إدراج الفصول المتعلقة بالإجهاض في مشروع القانون الجنائي الذي نشرتْ نصّه قبل أسبوع على موقعها الإلكتروني، في انتظار التوصّل إلى توافقٍ بشأنه، قالت منظمة العفو الدولية إنّ تدخّل الملك في الموضوع "يشكل فرصة فريدة لنزع الصفة الجنائية عن الإجهاض، وعدم اضطرار النساء والفتيات بالتالي إلى الخضوع للعملية بطرق غير قانونية تشكل خطراً على حياتهن". وكانَ الملك محمد السادس قد استقبلَ وزيريْ العدل والحريات ورئيسَ المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأصدر الديوان الملكي عقب الاستقبال بلاغا أعلن فيه أنّ الملك طلبَ من المسؤولين الثلاثة بالتنسيق مع المجلس العلمي الأعلى بشأن التداول حول مختلف الآراء والتوجهات، ورفع اقتراحاتهم داخل أجل أقصاه شهر. واستندت منظمة العفْو الدولية في تعليلها لطلب السلطات المغربية بنزع الصفة الجنائية عن الإجهاض، إلى أنّ جميع معاهدات حقوق الإنسان ذات الصلة، والصادرة عن الأممالمتحدة ووقع عليها المغرب، تنصّ على أنّ قوانين تجريم الإجهاض تشكّل "انتهاكا لكرامة النساء والفتيات واستقلاليتهنّ". واعتبرت "أمنيستي" أنّ تنصيص القانون الجنائي المغربي على فرض عقوبات بالسجن ودفع غرامات في حال محاولة الخضوع لعملية إجهاضٍ خارج إطار ما تنصّ عليه المادة 453، التي تجيز الإجهاض في حالة وجود صحة الأمّ في خطر، بناء على تقدير الطبيب وبموافقة الزوج، قوانين تدفع النساء إلى الخضوع لعمليات الإجهاض بشكل غير قانوني، الأمر الذي يعرض صحتهن للكثير من المخاطر، ويجعلهن عرضة لعقوبات السجن المنصوص عليها"، بحسب تقرير المنظمة. وناشدت "أمنيستي" السلطات المغربية باحترام "واجباتها الدولية على صعيد حقوق الإنسان، مشدّدة على ضرورة منْح النساء والفتيات "فرصة الخضوع للإجهاض الآمن والقانوني، لا سيما في الحالات التي تكون فيها صحة الأم البدنية أو النفسية معرَّضة للخطر، أو في حالات الحمل الناجمة عن الاغتصاب وزنا المحارم وحالات التشوه الخِلْقي الشديد للجنين". إلى ذلك طالبت المنظمة السلطات المغربية بأن تكفل حصول النساء والفتيات على وسائل منع الحمل والرعاية المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية وحصول اللائي تعرضن لمضاعفات من الإجهاض على الرعاية الصحية اللازمة، "بصرف النظر عما إذا كان الأمر قد تم بشكل قانوني أم لا"، و "التوقف عن اشتراط موافقة الزوج قبل إجراء عملية الإجهاض"، معتبرة أنّ ذلك "يشكل انتهاكاً لحق المرأة في استقلالية قرارها بشأن جسدها".