التقت العديد من الأقلام اليسارية الصديقة عند خلاصة مفادها "نجاح المؤتمر العاشر للاتحاد المغربي للشغل" (المؤتمر 13 لو احترمت دورية مؤتمرات الاتحاد منذ أبريل 1995)، علما أن هذا "النجاح"، وبالنظر الى سلاسة التحضير، كان متوقعا منذ وفاة زعيم الزعيم الحالي للاتحاد. من جانبي، أهنئ من فرح لهذا "النجاح" وأحتفظ بتشاؤمي لنفسي "ولمّ همّي في المسا وأرقد عليه" (من بيانات على تذكرة مسجون لأحمد فؤاد نجم). لأن التجربة علمتني أن الأشياء بخواتمها. إن النظام المغربي لم يعد يهمه إذا كنت منخرطا في "لعبته" (استراتيجيته)، أن ترفع هذا الشعار أو ذاك أو أن تعلن هذا الموقف أو ذاك. فحزب الأصالة والمعاصرة (حزب المرحلة) وفي أحيان كثيرة رفع من الشعارات ما شاء وأعلن من المواقف ما شاء، متجاوزا ومتحديا من شاء... (اليسار و"اليمين"). والضامن لالتزام "الشرعية" (احترام المقدسات) هو الانخراط في اللعبة وقبول شروطها، أي الولاء. وكذلك الشأن بالنسبة للعديد من الإطارات السياسية والنقابية، ومن بينها الاتحاد المغربي للشغل، وخاصة هذا الأخير والآن بالضبط، رغم شعار "الوفاء لهوية الاتحاد ومبادئه أساس كفاحنا لتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية". إن ما يهم الاتحاد الآن (أو البيروقراطية) هو الانتقال السلس للزعامة وبأي ثمن أو بأقل الخسارات. وليكن بعد ذلك ديمقراطيا من يريد أن يكون ديمقراطيا، وليكن تقدميا من يريد أن يكون تقدميا، وليكن كفاحيا من يريد أن يكون كفاحيا، وطبعا ليكن دستوريا من يريد أن يكون دستوريا... إنه من الخطأ مناقشة نتائج المؤتمر، بما في ذلك البيان الختامي، لأنها ستنسى قبل أن يرتد للمؤتمرين والمتتبعين طرفهم. وإنه من الخطأ أيضا الارتياح لأجواء ونتائج المؤتمر (الاستماع ومناقشة والمصادقة على التقرير العام المقدم من طرف الأمانة الوطنية وجميع التقارير والمقررات الأخرى...)، بما في ذلك الشق الإيجابي منها. لأن الحرس القديم (رفاق الزعيم الراحل) لن يقدم الهدايا للطبقة العاملة أو للمناضلين الحالمين. ولأن هذا الحرس (البيروقراطية) قد اكتسب "شرعيته" وحاز ما يريد من الصلاحيات بحكم أغلبيته المريحة في الأمانة العامة الجديدة، فلن ننتظر سوى الاستمرارية، استمرارية القبضة الحديدية، استمرارية التواطؤ، استمرارية المهادنة، استمرارية التخاذل... وكما جاء في رسالة للشهيد عمر بنجلون الى الزعيم الراحل المحجوب بن الصديق: "واسمح لي أخيرا أن أعتبر أن الصمت في مثل هذه الظروف، سيكون خدمة موضوعية تقدم للنظام الفيودالي، الذي استفاد من الصمت الذي أحاط منذ زمن بعيد بالأخطاء المتراكمة"، فإن الصمت الحالي الذي يحيط بجرائم الماضي التي تعني الاتحاد صمت رهيب وغير مقبول. ماذا عن مالية الاتحاد قبل المؤتمر العاشر؟ أ ليست مالا للقاعدة العمالية العريضة للاتحاد؟ أ ليست مالا عاما؟ أ ليست موضوع محاسبة؟ هل نسمح بالإفلات من العقاب؟ والمصادقة عن التقرير العام المقدم من طرف الأمانة الوطنية؟ هل يعكس مواقفنا السابقة من مسار الاتحاد؟ وماذا عن ميزانية المؤتمر؟ إنه من حق عمال وعاملات الاتحاد معرفة التفاصيل... وأخيرا، وكما قال عمر مخاطبا المحجوب، الزعيم الراحل/الحي: "أما مؤتمرك، مؤتمركم لن يحل شيئا في الجوهر، فتشكيلته، وتوجهه، وقراراته... كل ذلك ليس سوى نتاج جديد «للدوامة» التي يستفيد منها البعض ويكون البعض ضحيتها (مؤقتا). فالدور الطليعي للطبقة العاملة حتمي، والتاريخ الكوني وبعض المؤشرات التي تظهر منذ مدة داخل الطبقة العاملة المغربية تؤكد ذلك". وإني والحال هذه، ورغما عني، أهنئ مخاريق وخوارقه... -يتبع-