أوضاع الطبقة العاملة والحريات النقابية في صدارة اهتمامات المؤتمرين الاتحاد المغربي للشغل يسير في اتجاه اعتماد معايير التدبير الديمقراطي الحديث تحت شعار «الوفاء لمبادئ وهوية الاتحاد أساس كفاحنا من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية»، يلتئم بالدار البيضاء، يومه السبت وغدا الأحد 11 و12 دجنبر، المؤتمر الوطني العاشر لأقدم مركزية نقابية في المغرب. وكان آخر مؤتمر للاتحاد المغربي للشغل (المؤتمر الوطني التاسع) قد انعقد في أبريل من عام 1995. ويأتي المؤتمر العاشر بعد مرور قرابة ثلاثة أشهر على رحيل الزعيم التاريخي للاتحاد، المحجوب بن الصديق الذي وافته المنية في 17 شتنبر الماضي. وكان المجلس الوطني لهذه المركزية قد انعقد في 7 أكتوبر المنصرم، أي بعد مرور20 يوما من وفاة أمينها العام. وخلال هذا الاجتماع تم اختيار الميلودي مخارق كمنسق عام للاتحاد، كما تم تحديد تاريخ انعقاد المؤتمر الوطني 10. في 21 أكتوبر 2010 تم عقد دورة ثانية للمجلس الوطني خصصت للتحضير للمؤتمر، حيث تم تحديد معايير العضوية في اللجنة التحضيرية وجدولة اجتماعاتها إلى حدود المؤتمر، وتحديد اللجان لتهييئ مشاريع وثائق المؤتمر، وهي لجان عشرة (لجنة القانون الأساسي والمقرر التنظيمي، لجنة الحريات النقابية، لجنة الملف المطلبي والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والحماية الاجتماعية، لجنة القطاع العمومي والمنشآت العمومية والخصوصية، لجنة التكوين النقابي والإعلام والتواصل، لجنة العلاقات الدولية والتضامن الدولي، لجنة العلاقات مع المؤسسات التمثيلية والقوى السياسية والاجتماعية والمجتمع المدني، لجنة المرأة العاملة، لجنة الشبيبة العاملة ولجنة المتقاعدين/ات) بالإضافة للجنة المكلفة بصياغة مشروع البيان العام. (أنظر مشاريع المقررات المعروضة على أنظار المؤتمر على الصفحة الرابعة من هذا العدد)؛ وفي ذات الدورة تمت المصادقة على الشعار المركزي للمؤتمر. ويتطلع نقابيو الاتحاد المغربي للشغل بأن يكون هذا المؤتمر محطة نضالية متميزة في تاريخ هذه المنظمة النقابية العتيدة للتأكيد على مبادئ الاتحاد، ولتحديد آفاق العمل النقابي في سائر المجالات، ولتطوير أداء النقابة و تحديثه، وللتصدي للهجوم على الطبقة العاملة ومواجهة تدهور القدرة الشرائية للمأجورين وإقرار العدالة الاجتماعية. ويستشف من المداولات داخل اللجن التحضيرية، أن الاتحاد المغربي للشغل يسير في اتجاه اعتماد معايير التدبير الديمقراطي الحديث، وفي هذا المضمار أعلن رسميا أن الوثائق التحضيرية للمؤتمر الوطني العاشر أقرت أن الأمين العام لن ينتخب مباشرة من المؤتمر، ولن تتجاوز مدة انتدابه ولايتين. وتعزيزا للتسيير الجماعي للمنظمة وإعمالا للديمقراطية الداخلية، ستمنح صلاحيات واسعة للجنة الإدارية، وسيرتكز التدبير المالي على الشفافية التامة مع انتخاب لجنة للرقابة المالية من قبل المؤتمر. ومن القضايا التي سيوليها المؤتمر أهمية بالغة نظرا لطبيعة هذا التنظيم النقابي وأوضاع الطبقة العاملة، التركيز على مسألة الحريات النقابية. وأكدت مشاريع الوثائق المنجزة على ضرورة انتهاج سياسة رسمية للدولة تهدف إلى القطع مع كل الممارسات الماسة بالحريات النقابية. وشددت على مصادقة المغرب على كافة الاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية، وفي مقدمتها الاتفاقية 87 حول الحرية النقابية وحماية حق التنظيم. إضافة إلى اعتماد تدابير تشريعية من أجل ضمان حماية فعالة للمأجورين ضد أعمال القمع والتمييز والطرد والتسريح بسبب نشاطهم النقابي، ووضع قانون للإضراب يهدف إلى ضمان وحماية ممارسته، مع سن إجراءات زجرية ضد منتهكي الحقوق والحريات النقابية. وفي ذات الإطار، تلح المشاريع على وضع إجراءات عادلة ومنصفة من شأنها تمكين ضحايا الطرد والتسريح من العودة السريعة إلى عملهم والحد من التباطؤ في تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لفائدة الأجراء والإسراع في تنفيذها. في مشروع مقرره الاجتماعي والاقتصادي، يعتبر الاتحاد المغربي للشغل أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المغرب هي نتيجة للاختيارات السياسية للحكومات المتعاقبة، وأن الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعرفها الرأسمالية على المستوى العالمي منذ 2008 لم تزد إلا في تعميق الأوضاع المتدهورة أصلا ببلادنا. وبرأيه فإن هذه السياسات جعلت الاقتصاد المغربي مبنيا على منطق الريع لفائدة فئة من المحظوظين، وتبعيا للدول الرأسمالية المتطورة، وموجها من طرف المؤسسات النقدية والبنكية العالمية، التي فرضت على البلاد برامج تقويمية كانت لها انعكاسات اقتصادية واجتماعية وخيمة. وترى نفس الوثيقة أن الاقتصاد الموجه نحو الخارج والذي يعتمد على مداخيل السياحة واليد العاملة المهاجرة وتصدير المواد الأولية المنجمية والفلاحية، لا يلبي الحاجيات الوطنية الأساسية ولا يكفل الأمن والسيادة الغدائيين لشعبنا، إذ تستورد البلاد جل الحاجيات من المواد الغذائية الأساسية. وكنتيجة لهذه الاختيارات المذكورة تعرف البلاد أوضاعا اقتصادية واجتماعية متدهورة تتجلى في عدة مؤشرات. وإذا كان المؤتمر سيدقق في وضع استراتيجيات تهم قضايا حيوية كالتنظيم والتثقيف العمالي والإعلام النقابي، فإنه سيجدد تحديد مواقفه من مسألة التحالفات، وفي هذا السياق أكدت إحدى وثائق مشاريع المقررات أن الاتحاد المغربي للشغل، كقوة اجتماعية أساسية في البلاد، يبني تحالفه الطبيعي مع «من يتبنى مطالب وقضايا الطبقة العاملة ويحترم استقلال قراراتها ووحدتها النقابية التنظيمية وله مشروع مجتمعي يخدم مصالحها، ويرتكز على العدالة الاجتماعية الضامنة للتوزيع العادل للثروات ولفوائد الإنتاج وعلى مناهضة هيمنة الإمبريالية والرأسمالية المتوحشة والتسلط الرجعي من أجل انعتاق شعبنا من الاضطهاد والاستغلال وبناء مجتمع ديمقراطي يتمتع فيه كل المواطنات والمواطنين بكافة حقوق الإنسان». وتضيف الوثيقة أنه يمكن لهذا التحالف أن يكون استراتيجيا أو مرحليا أو حول ملف اجتماعي معين في إطار برنامج مشترك. في موضوع الإعلام والتواصل، من المنتظر أن تدعو المقررات والتوصيات إلى إنشاء «مرصد الاتحاد المغربي للشغل للحقوق والحريات النقابية» يعمل على إصدار تقارير دورية ودراسات في هذا المجال، كما ستتولى لجنة مركزية للإعلام والتواصل مهمة السهر على تنفيذ مقررات وتوصيات المؤتمر الوطني واللجنة الإدارية في مجالي الإعلام والتواصل والأنشطة الإشعاعية، مع الانفتاح على التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال عبر تطوير الموقع الإلكتروني الرسمي للاتحاد، وتنظيم دورات تكوينية في تخصصات الإعلام والتواصل، وإعداد وتجهيز قاعة للمعلوميات على مستوى المقر المركزي تستعمل لأغراض التكوين والطباعة والنشر، وتثمين وإعادة صيانة الرصيد الوثائقي الكبير الذي تتوفر عليه المنظمة، والذي يَختزل أكثر من نصف قرن من الأحداث التاريخية على المستويات الاجتماعية والنقابية والسياسية. وللإشارة، فقد تأسس الاتحاد المغربي للشغل في 20 مارس 1955، كمنظمة نقابية وحدوية مستقلة وديمقراطية. وطيلة السنوات الأولى من الاستقلال وإلى حدود عام 1960، ظل الاتحاد المغربي للشغل المنظمة النقابية الوحيدة والقوية للطبقة العاملة ولعموم الشغيلة. وبفضلها انتزعت الشغيلة المغربية مكتسبات تشريعية ومادية كبيرة.... وتضم هذه المركزية في صفوفها حاليا مناضلين ومناضلات وأعضاء مستقلين ومنتمين لتنظيمات وأحزاب سياسية مختلفة من اليمين واليسار.