استطاع الشاب الأردني محمود محمد الزيات (24 عاما) الذي ولد بتشوه تجاوز إعاقته والعيش بشكل طبيعي، فرغم أنه يعيش دون يدين فقد حصل على الثانوية العامة وكان متفوقا في الرياضيات، كما حصل على شهادة الدبلوم في التصميم الغرافيكي بتقدير جيد عام 2013. ويمتاز الزيات بشخصيته الجذابة وتواضعه وتفكيره العميق وقوة إرادته وتصميمه على أن يقوم بدوره في مجتمعه كالأفراد العاديين، وقال للجزيرة إن نظرة الناس له قبل أن يعرف هموم الحياة "كانت مؤلمة جدا لكن بعد تقدم العمر واكتساب الخبرات الحياتية صرت أتجاهل وأحيانا كنت أسمع تعليقات سخيفة وكأنني لم أسمع الآن بعد أن خبرت الناس وعقلياتهم ونظرتهم للمعاقين". ويضيف"لي تطلعاتي وطموحي كأي واحد من جيلي المتعلقة بفرصة عمل تناسب وضعي الخاص، وهذا من حقوقي على مجتمعي، وتأسيس أسرة وشخصيا لا أحس بأي نقص ولا أقبل شفقة أو عطفا من أحد على الإطلاق، فإذا كان هناك واجب على المجتمع الذي أعيش فيه فلماذا لا يوفره". ويذكر الزيات أن مسؤولين في أمانة عمّان الكبرى أبدوا استعدادهم لتأمين فرصة عمل له أثناء حديث إذاعي معه العام الماضي، "لكن تحويل المسألة إلى مسؤولين أقل مستوى جمد الفرج وما زلت أنتظر الفرصة التي تريح أهلي الذين وقفوا معي طوال حياتي ووفروا لي المناخ الأسري الذي ساعدني على التكيف مع الإعاقة وتجاوز كل العراقيل والعثرات والنظر للمستقبل بتفاؤل وأمل". ويقول الزيات إنه لا يعيش "وحيدا في صومعة الإعاقة"، بل له أصدقاء من الجنسين من داخل الجامعة وخارجها، مؤكدا أنه يعتمد على نفسه بكل متطلبات الحياة كالأكل والشرب بطريقة تناسب وضعه، فهو يستخدم أصابع رجليه في الكتابة على الورق أو الحاسوب، ولسانه في التواصل مع أصدقائه على مواقع التواصل الاجتماعي عبر هاتفه النقال أمام الآخرين دون مبالاة أو حرج. وعن مشاكله يقول الزيات بحرقة، إن أبرزها المواصلات "فحرماني من اليدين يشكل عائقا لتقديم الأجرة المطلوبة، كما الوضع المادي الصعب حيث أعيش على مبلغ 35 دينارا، أي ما يعادل خمسين دولارا شهريا، تصرفها وزارة التنمية الاجتماعية كمساعدة". ويضيف أن والده يدعمه بقوة، فقد أقسم أنه سيزوجه فتاة مناسبة حتى لو غرق في الدين، "المهم أفرح بزواجك قبل موتي"، مضيفا أنه وجد فتاة تقبلت وضعه وتوافرت فيها مواصفات فتاة أحلامه ولكنه دون عمل، "فكيف أوفر لها حياة كريمة وسعيدة". ويتابع "لا أريد راتبا من دون عمل أو منة من أحد، بل أريد الاعتماد على نفسي كما يفعل الآخرون، والسؤال كيف أشق طريقي وأصنع مستقبلي بعد أن هزمت الإعاقة". وحول شعوره عن وجوده على خشبة المسرح أثناء مشاركته الأسبوع الماضي في مسرحية "رحلة 2007" التي قدمتها فرقة " قدرات متميزة" وطرحت هموم المعاقين حركيا، قال إن التمثيل يساعده على إثبات ذاته وحضوره في الحياة من خلال طرح قضايا المهمشين، وسيواصل العمل مع نظرائه المعاقين أو غيرهم كلما توفرت الفرصة المناسبة. من جهته، يرى راعي مسرحية 2007 الداعم للفرقة المسرحية " قدرات متميزة"، نياز أبو زريق، وهو ضابط متقاعد من منظمة التحرير الفلسطينية، أن محمود الزيات "قوي الإرادة والعزيمة تمرد على واقعه الصعب ونجح في تعويض فقدانه ليديه منذ الولادة باستخدام أصابع قدميه". ويضيف "ما شاهدته يثير الإعجاب، والزيات نموذج مشرق للمعاقين ويتمتع بقوة جبارة على تجاوز الصعاب، ومشاركته في المسرحية كانت رسالة لمجتمعه الذي يتجاهل أوضاعه وزملاءه وحقهم في حياة كريمة.