لم يستثن المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره حول المجازر الحضرية للعاصمة الاقتصادية، المهنيين ومسؤولي مجلس مدينة الدارالبيضاء والشركة التركية المنسحبة من التسيير قبل شهور مضت، ووجه لهم انتقادات لاذعة لارتكابهم لمجموعة من الاختلالات المتعلقة بانعدام شروط النظافة وعدم احترام معاييرها. كما تطرق التقرير لعدم الالتزام ببنود دفتر التحملات الذي يجمع المدينة والشركة المسيرة للمجازر بمقتضى عقد للتدبير المفوض، إلى جانب استغلال قاعة تقطيع اللحوم من طرف شركة أخرى في غياب أي علاقة تعاقدية مع مجلس المدينة. وأكد قضاة المجلس في تقريرهم أن مجلس المدينة قام بإعداد عقد التدبير المفوض في ظل غياب وثائق مهمة لتطبيق العقد، حيث سجلوا غيابا لعناصر ومعطيات تمكن من تحليل التوازن المالي للعقد، خصوصا حساب الاستغلال والبرنامج المستقبلي للاستثمار والصيانة، والملحق المتعلق بجرد الأملاك والتجهيزات، بالإضافة إلى تصاميم جرد المنجزات. اختلالات مالية كما جاء في ذات التقرير أن مجلس الدارالبيضاء تحمل مصاريف المجازر المتعلقة باستهلاك الماء والكهرباء خلال الفترة الممتدة ما بين شهر ماي 2008 وغشت 2011، والتي بلغت 19.16 مليون درهم. وأضاف التقرير "احتسب المفوض له هذه المبالغ مع الضرائب المرتبطة بها كمصاريف ضمن محاسبته، وهو ما يخالف مقتضيات الفصل 27 من دفتر التحملات الذي ينص على أن استهلاك الطاقة من ماء وكهرباء ومحروقات وكذا إصلاح الآلات والتجهيزات، يتحملها المفوض له، بالإضافة إلى مخالفة مقتضيات المدونة العامة للضرائب والقانون رقم 9.88 المتعلق بواجبات التجار المحاسبية، والتي تقضي باحتساب المصاريف والموارد دون احتساب الضرائب". ورصد المجلس ارتفاعا في تكلفة إنجاز غرفة التبريد الجديدة وسوق الأحشاء، حيث "تمت إقامة هذه الغرفة الجديدة عن طريق صفقتين مبرمتين بأسعار جزافية تقدر في مجموعها بنحو 12.36 مليون درهم، إلا أن التكلفة الفعلية لإنجاز هذه المنشآت تجاوزت 13.01 مليون درهم". الإخلال بمعايير الذبح سجل تقرير المجلس عدم احترام الشركة المشرفة على التسيير لمعايير الذبح، حيث أكد أن عمليات الذبح لا تخضع لأي نظام، إذ أن جميع العمليات من الغسل إلى التسليم، تتم في نفس المكان، دون عزل بين الأشغال المتسخة والأشغال النظيفة. ورصد ذات التقرير قيام المهنيين بالتنقل من مناطق الذبح إلى مناطق السلخ وتنظيف الأحشاء وكذا إلى غرف التبريد دون احترام للضوابط الصحية المعمول بها، إلى جانب عدم اعتماد أي نظام للتطهير والتعقيم بين المناطق المعرضة للاتساخ والنظيفة. التقرير رصد أيضا اختلالات في الأماكن المخصصة للمراقبة البيطرية، والتي "تتسم بالضيق وعدم الملاءمة"، وهو ما اعتبره مسؤولو المجلس الأعلى للحسابات عائقا أمام المراقبة البيطرية البعدية ولا يساعد المصالح البيطرية على القيام بمهامها في ظروف ملائمة، علما أن خدمة تقطيع السقاط إلى جزئين لم يتم تعميمها بعد. استغلال غير قانوني كشف ذات المجلس وجود استغلال غير قانوني لقاعة تقطيع اللحوم من طرف شركة أخرى في غياب أي علاقة تعاقدية، حيث أورد أن قاعة تقطيع اللحوم تستغل من طرف شركة "ALIV" في غياب أي اتفاقية لتوضيح العلاقة التعاقدية التي تربطها بالمفوض له، بالرغم من أن هذه الشركة حققت خلال سنة 2013 رقم معاملات بقيمة 17.77 مليون درهم، عن طريق تطوير أنشطة متعددة غير واردة في عقد التدبير المفوض، كبيع الكفتة وشرائح اللحوم والنقانق. كما قام المفوض له بتجهيز قاعة التقطيع بمعدات حديثة وملائمة للأنشطة التي تزاولها شركة "ALIV"، وذلك عوض القيام بالاستثمارات التعاقدية، محملا المفوض له مصاريف تتعلق بنفس الشركة خاصة بالاستغلال، كمصاريف نقل اللحوم البالغة 18 ألف درهم ومصاريف الموظفين التي بلغت سنة 2012 نحو 782.80 ألف درهم، ومصاريف شراء التوابل، زيادة على مصاريف تلفيف وتعبئة المنتجات المعدة للبيع، بالإضافة لمصاريف مسك المحاسبة.