داخل مقر CIA المكان ولاية فرجينيا الأمريكية ؛ حيث مقر وكالة المخابرات المركزية CIA بمكتب زجاجي ؛ غطت جدرانه خرائط إلكترونية جد معقدة تومض بعدة مواقع ومفاتيح ؛ تنزوي في ركن هناك ؛ منضدة انتشرت عليها عدة أزرار ، أمامها رجل بدين يتأمل ملفا إلكترونيا أمامه .. وبين حين وآخر ؛ كان يملأ فمه بحفنة من رقائق النقانق شيبس .. إنه المستر براون أو الثعلب الأحمر كما يلقبه زملاؤه بالوكالة .. وفجأة ؛ وعلى حين غرة ؛ ولجت الغرفة سكرتيرته ذات البشرة السمراء ؛ حاملة لوثائق ورقية .. بادرها المستر براون : " هيلو.. مسز مارلو .. ماذا حملك أن تقتحمي المكتب بدون إشعار ..؟ " .. أطلقت مارلو قهقهة خفيفة ؛ قبل أن تضع أمامه حزمة من الأوراق قائلة : " .. المستر براون يتذكر جيدا الرقيبة فلادوريا بلير ..؟ ..- " أي نعم .. انقطعت عنا أخبارها منذ مدة .. ولعلها ما زالت تقيم بموسكو قريبا من الكرملين .. ماذا جد في الأمر ؟ " " بعثت بوثائق مهمة عن دولة داعش Isis .." " داعش! ياللهول .. فلادوريا هذه قطعة من الماس الخالص .. أبلغيها إن كانت ترغب في زيارة أهلها .. ومقابلتنا " " ..حاضرة .. حاضرة " . .. ضغط على زر أمامه ليأتيه صوت على التو : " هيلو مستر براون ! أتريدني أن أشاركك التهامك لرقائق النقانق ، ليستتبعها بقهقهة مدوية ..؟ !" " هيلو .. هيلو ..مستر فالدي ؛ مع الأسف ما زالت نفسك تعاف هذا النوع من رقائق النقانق .. قل يامستر فالدي العميلة الأمريكية فلادوريا ظهرت مؤخرا تحمل لنا أشياء ثمينة عن داعش .." " أعلم جيدا مدى قدراتها .. فقد مكنتنا من الاطلاع على أسرار جمة كنا نجهلها عن الكرملين .. والوكالة باتت تشكو نقصا حادا فيما يخص الملف النووي الإيراني .. أفلا أرسلناها إلى طهران ؟ " " ولم لا .. فهي تجيد الفارسية .. فضلا عن كونها دبلوماسية من الدرجة الرفيعة .. سأتولى هذا الأمر حالما تحضر إلى أمريكا .." .. أقفل الزر وملأ شدقيه بحفنة من رقائق النقانق قبل أن يحمل جاكيطته على كتفه ويهمس في عدسة بإحدى أزرار قميصه " هيلو .. هيلو مستر كلارك ! لدي اجتماع عاجل في البيت الأبيض .. فهل الهيليكبتر "الحوامة" جاهزة؟ جاءه الرد سريعا :" .. هيلو سيدي براون إنها جاهزة في الساحة " . داخل البيت الأبيض حطت الهيليكوبتر قريبا من مركز الحكومة الفيدرالية ؛ وعلى الفور؛ استقل براون سيارة خاصة ؛ قادته إلى داخل حديقة البيت الأبيض عبر بوابات هوياتية الكترونية غاية في التعقيد .. دلف صاحبنا ؛ بمعية إحدى موظفات البيت الأبيض ؛ إلى قاعة رحبة ، غاصة بوجوه مناديب الولاياتالأمريكية إلى جوار عمداء الأمن الفيدرالي وممثلي رؤساء وكالة المخابرات المركزية بالقارات الخمس . كانت القاعة تعج بحركة هرج ومرج .. لكن سرعان ما خيم الهدوء .. بعد أن سمع صوت ارتجت به جنباتها : " رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية يدخل .." ، وبعد لحظات يدخل الرئيس باراك أوباما ؛ محفوفا بنائبه جو بايدن وجون كيري وزير الخارجية ، وأشتون كارتير وزير الدفاع وجاكوب ليو وزير الخزانة الأمريكية . توسط الرئيس المنصة واعتدل في مقعده قبل أن يتوجه إلى الحضور : " السيدات والسادة ! إن سياستنا الخارجية تجاه آسيا والشرق الأوسط ؛ وفي أعقاب أحداث الربيع العربي ؛ أعدنا توجيه استراتيجيتها في اتجاه الاقتصاد العسكري الذي أدر على الخزينة الأمريكية ؛ حتى متم فبراير الماضي ؛ أرباحا تقدر ب 2 تريليون دولار .. وكنا نأمل في توسيع هذه السياسة لتشمل إيران ، إلا أن صعوبات استجدت في السنتين الأخيرتين .. بعد تعاظم شأن تنظيم داعش . لكننا مصممون على تذليل هذه الصعاب في الوقت المناسب . وسأترك الكلمة للسيد بايدن لتعيين لجنة فيديرالية ؛ تشرف على دراسة الوضع القائم ؛ في المنطقة ؛ واقتراح مداخل لتجاوز الصعوبات القائمة .." إلى هنا نهض الرئيس واقفا .. وهم بمغادرة القاعة وسط عاصفة من التصفيقات .. في هذه الأثناء يتلقى المستر براون مخابرة من وكالة المخابرات المركزية ، تبلغه بحضور العميلة فلادوريا إلى مقر الوكالة بدون إشعار مسبق . بعد حين تنحى قليلا إلى الوراء ليخرج من باب خلفي قبل أن يكمل مخابرته : " مسز مارلو ! ..رحبي بها .. سأكون هناك بعد قليل .." " مرحبا مسز فلادوريا ! أي شراب ترغبين فيه ؟ " ..أزاحت عنها نظارتها الشمسية ، وألقت بنظرة عامة في غرفة الاستقبالات ، قبل أن ترد بابتسامة عذبة : " شكرا ..فقط من فضلك كوب من عصير الباندورة.. بدون سكر وبحرارة 0 مائوية " ... وبينما هي توضب هندامها وتعاود أحمر الشفاه ؛ دخل المستر براون ؛ يلهث كعادته من فرط السمنة : " هيلو .. هيلو مسز فلادوريا ! اشتقنا إليك كثيرا ، وقد قاطعت اجتماعا في البيت الأبيض حرصا مني على لقائك .." " هيلو ..مستر براون أتمنى ألا أكون سببا في حرج ما خاصة وأني قدمت من غير موعد ..ها..ها " " لا .. لا أبدا .. العكس تماما هو ما حصل .. وحتى الرئيس ؛ في اجتماعه ؛ شدد على الوضع في آسيا .. وبالضبط إيران .. قبل كل شيء أود أن أشيد من جديد بتعاونك معنا .. والوثائق المهمة التي كشفت فيها عن أسرار كنا نجهلها عن داعش ... مسز فلادوريا ! اليوم ، أصبح الملف النووي الإيراني محل توتر في المنطقة ، وكل المعلومات الاستخباراتية ، التي نتوفر عليها باتت غير كافية ، وغير محينة ، وأعتقد أنك الشخص الحيوي للاضطلاع بهذه المهمة .. والوكالة قادرة على تزويدك بكل الوسائل اللوجيستيكية .. والتقنية لتكوني في وضعية مريحة إزاء هذه المهمة .." ترددت فلادوريا قليلا قبل أن تحدق في وجه المستر براون .. : " ..حسنا .. حاليا لدي مناسبة زفاف في الأشهر القليلة المقبلة ، هنا بنيويورك ..." ..قاطعها براون ؛ وهو يقترب منها ويعدل غليومه بين شفتيه ؛ : " ..أوه .. أوه .. من هوهذا السعيد الحظ الذي سيظفر بهذه الغزالة .. ويختطفها من بين أيدينا ؟ ! .. لا يسعني إلا أن أقدم لك تهنئتي مسبقا ... وما رأيك في أن نحتجز لكما جناحا في أفخم فندق بطهران ، لإمضاء شهر العسل ؛ في أفضل الظروف هناك ، ومن ثم ستباشرين مهمتك فيما بعد ..؟ " . " .. شكرا مستر براون على عرضك القيم هذا .. وإني كأمريكية ، سوف لن أعارض أي مهمة تخدم بلدي .." " .. طيب .. طيب .. اتفقنا ، ويبقى علي أن أمدك ببعض التجهيزات التقنية التي وصلتنا حديثا .. " .. ضغط على زر ليأتيه صوت على التو : " ..هيلو مستر براون ، معك براد هاريس ؛ أمين التخزين .." " ..هيلو مستر هاريس !.. احمل معك حالا حقيبة بالمعدات رقم CHM3 .." اصطحبها إلى مكتبه ، وخلع سترته ورمى بها جانبا قبل أن يتكوم في مقعده .. ويأخذ حفنة من الرقائق ، ويدفع بها إلى فمه . خاطبها وهو يمضغ : ".. مسز فلادوريا ! إن CIA ، تعتمد عليك في الملف النووي الإيراني..." وقبل أن يتم ، دخل .. المكتب المستر هاريس ؛ يحمل حقيبة جلدية ، أمسكها براون ووضعها على المنضدة قبالة مسز فلادوريا ؛ وهي تنظر محملقة في شكل الحقيبة .. تسلم الشيفرة من يد هاريس ؛ عبارة عن كلمتين ؛ نطق الأولى : " ..I'm going now " فانفتحت تلقائيا ، كانت تجمع في جوفها خمسة أجهزة يدوية ؛ جعل يدلها على استعمالها : ".. الأولى عبارة عن نظارة شمسية مزودة بكاميرا وسماعة وميكرو SD سعته 60 ميكابايت GB ، والثاني عبارة عن جهاز تحكم ، يعرض للناظر أدق الخرائط تفصيلا في كل بلد ، وموقع ، والثالث يستخدم للنجدة .. في حالة وضعية مغلقة ؛ يقع فيها العميل ، والرابع يعرض للناظر مختلف شبكات الهاتف العالمية ، وأرقام أصحابها يشتغل بثلاث لغات ؛ الفارسية ، الإنجليزية والروسية . والخامس عبارة عن قلادة لإبطال مفعول الكاميرات والأشعة .." ، في حين نطق الشيفرة الثانية : ".. I'm return now " ، فعادت الحقيبة تلقائيا إلى وضعية إغلاق .. حملها براون لفلادوريا ؛ وهو يخرج من مدرجه بطاقتين فناولها وهو يشد على يدها بحرارة : " .. هذه الحمراء للتزود النقدي .. في مختلف شبابيك آسيا والشرق الأوسط ، وهذه البيضاء بالقن الخاص بها .." شيعها إلى باب المصعد .. قبل أن يقفل عائدا إلى رقائقه !!