رغم تصريح الوزراء المغاربة ورؤساء دواوينهم، سواء في النسخة الأولى أو الثانية من الحكومة الحالية، بقوائم ممتلكاتهم، لدى المجلس الأعلى للحسابات، إلاّ أن ذلك لم يمنع هذه المؤسسة التي يشرف عليها إدريس جطو من الإشارة إلى مجموعة من الاختلالات التي ترافق تصاريح الموظفين العموميين، وإلى عدم استجابة مجموعة من القطاعات الحكومية لمبادراته بافتحاص الممتلكات، وذلك حسب ما بيّنه التقرير السنوي المتعلّق بأنشطة المحاكم المالية برسم عام 2013. وقد تحدث المجلس عن عدم استجابة بعض السلطات الحكومية مع مطالبه بالتوصل بقوائم أسماء الموظفين أو الأعوان العموميين الملزمين بتجديد تصريحاتهم، إذا لا تزال هذه السلطات مستمرة في "عدم احترام مقتضيات المنظومة القانونية المتعلقة بالتصريح الإجباري بالممتلكات". وقد بلغ عدد التصريحات التي توّصل بها المجلس إلى غاية مارس 2014 ما يقارب 7418 من أصل 11239 ملزمًا بالتصريح، أي بنسبة لا تزيد عن 66%، كما أنه داخل هؤلاء المصرّحين، لم تتجاوز نسبة من احترموا الأجل القانوني 37%. وسجلت مجموعة من القطاعات تخلّفها الكبير عن تجديد التصريحات، فنسبة المصرّحين في قطاع الصحة توقفت عند 9%، وفي وزارة التعليم العالي عند 8%، بل وكانت صفراً عند المكتب الوطني للموانئ ومجموعة التهيئة العمران، بينما كان قطاع الكهرباء على رأس المصرّحين بنسبة 100%، تليه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بنسبة 95%، ثم مكتب الصرف ب91%، وبعده بنك المغرب ب89%. وقد أبرز التقرير أن احترام التصريح بالممتلكات لدى الموظفين الذين أنهوا مهامم لم تزد عن نسبة 14%، مع ما يعتري ذلك من مشاكل في الاتصال بالموظف عندما يخرج من إدارته، كما أن نسبة المصرّحين بممتلكاتهم بعد تعيينهم لم تتجاوز 21%، إذ لم تبلّغ مجموعة من الإدارات المجلس الأعلى للحسابات بتعييناتها الجديدة. وأسهب تقرير المجلس في الحديث عن النقائص التي تشوب عملية إرسال الحكومة لقوائم الملزمين بالتصريح بممتلكاتهم، ومنها التأخير في إرسال القوائم إلّا بعد مدة مطوّلة من تاريخ التعيين أو من تاريخ نهاية مهمة الملزمين المعنيين، وإرسال هذه القوائم دون توضيح نوعية وطبيعة الوضعية الموجبة للتصريح، وعدم مطابقة اللوائح للنموذج الإلكتروني الذي وجهه المجلس إلى القطاعات المعنية، وإرسال بعض القطاعات للوائح تشمل حتى الموظفين الذين لا علاقة لعملهم بالمال العام. ومن التوصيات التي أدرجها المجلس فيما يخصّ التصريح الإجباري بالممتلكات، هناك خفض فئات الملزمين والاقتصار على المسؤولين السياسيين والعموميين لوحدهم كأعضاء الحكومة والقضاة ومسؤولي الشركات العمومية الوازنة، وتبسيط إجراءات التدقيق والمراقبة مع ضمان حقوق الملزمين من حيث حفظ المعطيات الشخصية والخاصة وكذا قرينة البراءة؛ وإدخال عقوبات ردعية لعدم التصريح أو لتصريح غير كامل أو غير صحيح، واعتماد طرق إلكترونية لتبادل البيانات مع السلطات الحكومية. وباستثناء حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، قدمت جميع الأحزاب المغربية حساباتها السنوية الخاصة بعام 2013 حتى مع قيام 19 منها بذلك بعد انصرام الآجال القانونية، وتقديم 11 منها لحساباتها دون تقرير خبير محاسب. وقد بلغ المبلغ الذي قدمته الدولة للأحزاب المغربية مجتمعة 59.03 مليون درهم، كما أن الدولة دعّمت ثلاثة أحزاب بمناسبة تنظيم مؤتمراتها، ويتعلق الأمر بحزب الاستقلال وحزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بمبلغ إجمالي وصل إلى 9.47 مليون درهم. وظهرت النواقص بشكل أكبر لدى جمعيات المجتمع المدني، إذ أبرز المجلس وجود عدة اختلالات ونواقص في تدبيرها الإداري والمالي، ترتبط على وجه الخصوص بصعوبة تتبع استخدام الأموال التي تتلقاها من لدن مختلف الجهات المانحة وغياب إبرام اتفاقيات معها تحدد بدقة الأهداف المتوخاة من منح تلك الأموال العمومية، وذلك في وقت ارتفع فيه الدعم العمومي الممنوح للجمعيات خلال السنوات الأخيرة. ولأجل تجاوز هذا الوضع، أعلن المجلس عن تصور رقابي جديد، من بين آلياته تفعيل مبدأ إلزامية تقديم حسابات الجمعيات المستفيدة من الدعم العمومي.