كشفت معطيات رسمية صادرة عن المجلس الأعلى للحسابات عن تهرب مئات الموظفين السامين والمنتخبين من عملية التصريح بالممتلكات التي يكفلها الدستور للمحاكم المالية. وإلى غاية شهر أكتوبر 2019، تلقت المحاكم المالية ما مجموعه 75662 تصريحاً من أصل 93096 ملزما بالتصريح بممتلكاته، بنسبة 88 في المائة، أي إن أزيد من 17 ألفا من الفئات المعنية بالتصريح بممتلكاتها تهربت من تطبيق القانون 06-54 المتعلق بالتصريح الإجباري. وقرر المجلس الأعلى للحسابات اللجوء إلى المساطر القانونية بخصوص المنتخبين والموظفين السامين غير المصرحين؛ إذ سيباشر قريباً إجراءات وتدابير عدة من أجل تبليغ السلطات الحكومية المعنية، وتوجيه إنذارات للملزمين المعنيين. رئيس المجلس الأعلى للحسابات أكد أنه يجري مشاورات مع السلطات الحكومية المختصة من أجل مراجعة القوانين المتعلقة بالتصريح الإجباري بالممتلكات، في خطوة تهدف إلى سن قانون موحد يتجاوز نواقص وعوائق التجربة الحالية. وكشف إدريس جطو أن القانون الجديد يتجه إلى التقليص من عدد الملزمين بالتصريح بالممتلكات، وتبسيط مسطرة التدقيق والمراقبة، "مع ضمان حقوق الملزمين من حيث الحفظ على المعطيات الشخصية والخاصة وإدخال عقوبات ردعية لعدم التصريح أو لتقديم تصريح كاذب أو غير كامل". وأوضح جطو، خلال مناقشة مشروع ميزانية المجلس الأعلى للحسابات بالغرفة الأولى للبرلمان، أن المجلس شرع في القيام بدراسات مقارنة بخصوص التصريح الإجباري بالممتلكات مع عدد من الدول المتقدمة في هذا المجال. وأورد أن عدد المسؤولين والموظفين السامين والمنتخبين الواجب عليهم التصريح بممتلكاتهم وفق القوانين الجاري بها العمل في المغرب، تجاوز 200 ألف، وهو ما يعيق عملية المراقبة والتدقيق والتتبع، في وقت لا يتجاوز فيه عدد الملزمين بالتصريح في دول أخرى 5 آلاف شخص. تقارير سابقة صادر عن المجلس ذاته أكدت فشل قانون التصريح بالممتلكات بالمغرب في تحقيق الأهداف المنشودة منه، وهو ما عبر عنه المجلس بالقول إن "بعض القوائم المتوصل بها ليست مطابقة للنموذج المعتمد أو تنقصها بعض المعطيات الضرورية، ما يعرقل عملية المراقبة والتتبع، ولا يمكن من إنجازها بطريقة فعالة". وتواجه الهيئة المخول لها مراقبة التصريح بالممتلكات عددا من الإكراهات، من بينها "القاعدة الواسعة للملزمين، ما ينتج عنه إيداع أعداد كبيرة من التصريحات لدى المجلس الأعلى للحسابات، ويعرقل بالتالي عملية المراقبة والتتبع، لاسيما أن المجلس يبقى مرهونا بمدى استجابة السلطات الحكومية لمراسلاته المتعلقة بمده بالمعلومات اللازمة في هذا الشأن، بالإضافة إلى عدم توجيه القوائم التي طرأت عليها تغييرات للمجلس في حينه (من تعيينات جديدة أو انتهاء للمهام) وموافاته بها بعد مرور عدة أشهر من التعيين، ما يجعل تتبع إيداع التصريحات اللازمة في الآجال القانونية هدفا صعب المنال".