هذا ما قالته "كامالا هاريس" في خطابها الأول بعد الهزيمة في السباق الانتخابي    عدد السكان القانونيين بالمملكة بلغ في فاتح شتنبر 37,8 مليون نسمة    وزيرة: عدد المستفيدين من برنامج الدعم المباشر للسكن إلى غاية 5 نونبر الجاري بلغ 28 ألف و458 مستفيد    هذا ما أكده التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحة في ندوة صحفية بالرباط    التنسيق النقابي للأطر الصحية يتوعد الحكومة بالتصعيد احتجاجاً على خرق اتفاق يوليوز            جلالة الملك في خطاب المسيرة الخضراء : حان الوقت لتتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها، وتوضح الفرق الكبير، بين العالم الحقيقي والشرعي، الذي يمثله المغرب في صحرائه، وبين عالم متجمد، بعيد عن الواقع وتطوراته    قبل مواجهة الغابون وليسوتو.. وليد الركراكي يعقد ندوة صحفية الثلاثاء المقبل    انتخاب السيدة نزهة بدوان بالإجماع نائبة أولى لرئيسة الكونفدرالية الإفريقية للرياضة للجميع …        في بلاغ للمكتب السياسي .. وضوح رؤية جلالة الملك في قضية الصحراء مكَّن بلادنا من تأمين مضامين سوسيواقتصادية للسيادة على التراب    ياسين بونو بين كبار اللعبة بمتحف أساطير كرة القدم بمدريد    مورو يدشن مشاريع تنموية ويتفقد أوراشا أخرى بإقليم العرائش    ندوة وطنية بمدينة الصويرة حول الصحراء المغربية    أسئلة لفهم مستقبل فوز ترامب على بنية النظام الدولي ومَوقِف الدول العربية    البنيات التحتية الأمنية بالحسيمة تتعز بافتتاح مقر الدائرة الثانية للشرطة    انتخاب المغرب بالأغلبية لتولي منصب نائب رئيس منظمة الأنتربول عن القارة الإفريقية    هذه برمجة الدورة ال21 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش    إطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    مؤشرات إيجابية نحو إنهاء أزمة طلبة الطب واستئناف الدراسة    استعدادات المنتخب الوطني: الركراكي يعقد ندوة صحفية وحصة تدريبية مفتوحة للإعلام    منصف الطوب: هذا ما تحتاجه السياحة لتواصل صورتها اللامعة    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار بالسعودية    بالصور .. عامل الجديدة يوشح مجموعة من الموظفين بأوسمة ملكية بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء    بوجمعة موجي ل"رسالة24″ : يجب تعزيز الرقابة وحماية المستهلك من المضاربين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة        تظاهرات واشتباكات مع الشرطة احتجاجا على فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية    سفير أستراليا في واشنطن يحذف منشورات منتقدة لترامب    كلميم تطلق تشييد "مركب لالة مريم"    نجم منتخب أوروغواي السابق دييغو فورلان يحترف التنس    شخصيات رياضية تكرم محمد سهيل    قانون إسرائيلي يتيح طرد فلسطينيين    جدري: القطاعات التصديرية المغربية كلها تحقق قفزة مهمة    وزارة الصحة تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بتهمة "التجاهر بالفاحشة"    بعد رفعه لدعوى قضائية.. القضاء يمنح ميندي معظم مستحقاته لدى مانشستر سيتي    أولمبيك مارسيليا يحدد سعر بيع أمين حارث في الميركاتو الشتوي    إحصاء 2024 يكشف عن عدد السكان الحقيقي ويعكس الديناميكيات الديموغرافية في المملكة    مزور: المغرب منصة اقتصادية موثوقة وتنافسية ومبتكرة لألمانيا    التّمويل والصّيانة تحديات تحاصر أجرأة مشاريع برنامج التنمية الحضرية لأكادير    300 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا .. والوزارة تقترح هذه الخطة    إعطاء انطلاقة خدمات مركز جديد لتصفية الدم بالدار البيضاء    دراسة: أحماض أوميغا 3 و 6 تساهم في الوقاية من السرطان    انطلاق الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    ابتسام بطمة ترد على شائعات العفو الملكي    برنامج يخلد المسيرة الخضراء بمونتريال    "مهرجان سينما الذاكرة" يناقش الدبلوماسية الموازية في زمن الذكاء الاصطناعي    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة        كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبراهام السرفاتي : مغربي مرهف الحس،في عباءة ثوري خالد
نشر في هسبريس يوم 16 - 12 - 2010

((باستثناء لطخة دم، أحتفظ بذكريات طفولة سعيدة. في الدار البيضاء، عشت أنا وإيفلين، يغمرنا دفء حنان الوالدين)). أبراهام السرفاتي أو "ديدي" كما ينعته المقربون، و "الشيباني" مثلما يلقبه رفاق المحنة بالسجن المركزي بالقنيطرة، حيث كنت واحدا منهم بين سنوات 1975 و 1989، لم ينس أبدا سعادة سنوات طفولته.
في أواخر أيام حياته، وعلى الرغم من حالات فقدان الذاكرة، التي بدأت تنتابه بشكل مستمر جراء مرض الزهايمر، عاش السرفاتي بمنزله بحي أسيف بمراكش يخطو الخطى بواسطة كرسي متحرك، على إيقاع ذكرى ذاك الطفل اليهودي المغربي غير المكترث، يطوي بدراجته الهوائية أزقة حي المعاريف ودرب غلف.
بالتأكيد أيضا، وحتى آخر همسة له عن سن الرابعة والثمانين، بقي يعاني جرحا، نتيجة سوء فهم تحسسه واقعيا، داخل الجسم المغربي بين اليهود والمسلمين. طائفتان، مع ذلك : ((مرتبطان بصداقة تمتد لعشرات القرون)) كما تعلّم من أبيه. لم ينس، أبراهام قط، شعوره بالانهيار ذات يوم من شهر يناير 1967 (بعد حرب الستة أيام) حين اكتشف، بأن مقالته التي أرسلها إلى جريدة مغربية، صدرت دون ذكر اسمه، لأنه يهودي، يقول بتحسر : ((لم يكن ذلك، في سياق جيد بالنسبة لجريدة وطنية مغربية)). أيضا، لم يستطع محو صورة أخته إيفلين التي ماتت شهر أكتوبر سنة 1974، بعد سنتين من التعذيب في ضيافة الشرطة، كي تشي بالمكان الذي يختبئ فيه أخيها الذي ابتدأ وقتها مرحلة العمل السري : ((تكلمي أو نقتلك. لقد قتلوك إيفلين، ولم تتكلمي))، هكذا، خلدتها إحدى قصائد عبد اللطيف اللعبي.
كان بوسع مسار أبراهام، أن ينعم كفاية بالسعادة على غرار أهل ديانته كأندري أزولاي، سيرج بيرديغو وروبير الصراف. فالطائفة اليهودية، اتصفت دائما بكونها ملكية حتى النخاع، لو لم يحدث التزامه السياسي الثوري، انقلابا غيّر كل حياته. تعود نقطة البداية، إلى خريف 1968 : جراء الإضراب الكبير الذي قام به 7000 منجمي بخريبكة، لم يتردد السرفاتي في التضامن معهم، حيث شغل منذ 1960 مديرا تقنيا للمكتب الشريف للفوسفاط (بعد دراسات لامعة بمدرسة المعادن بباريس)، لكنه أزال وزرة التقنوقراطي، كي يرتدي أخرى لمناضل أقصى اليسار. يوم 30 غشت 1970، اعتبر لحظة قطيعة نهائية مع حزب التقدم والاشتراكية، وريث الحزب الشيوعي المغربي، وتأسيس منظمة إلى الأمام التي كان أحد رموزها الأساسيين.
هيمنت الدعوة إلى ثورة البروليتاريا، والحلم بالأمسية الكبيرة، على أفكار سنوات 1970. عقائد، حكمت شباب أوروبا الغربية وكثير من البلدان العربية. بيد، أن الضريبة التي دفعها السرفاتي ورفاقه في المغرب، كانت ثقيلة : الحكم غيابيا بالمؤبد سنة 1973. اعتقال، شهر نوفمبر 1974 ثم تعذيب طيلة أربعة عشر شهرا في دهاليز درب مولاي الشريف، وهو معصوب العينين والأصفاد تشد معصميه. الحكم عليه بالسجن المؤبد خلال المحاكمة الشهيرة ل "الجبهويين" سنة 1977، وتُوّج المسلسل ب 17 سنة سجنا. الجملة التي فاه بها قاضي التحقيق حينما مثل أمامه السرفاتي بعد احتجاز جحيم درب مولاي الشريف، بقيت مشهورة في حوليات القضاء المغربي : ((أنتم محظوظون، لأننا نعيش أجواء الديمقراطية)).
كان هذا القاضي محقا، لأن آخرين أقل حظا، تعفنوا في جوف تازمامارت. عمل أبراهام ورفاقه في السجن المركزي، على تحريض الرأي العام الدولي، حتى ينصت إلى صوتهم، بالتالي يتمتعوا بوضعية معتلقي الرأي. شهر مارس 1986، فإن الرفيقة الفرنسية "كريستين دور" والتي تحلت الشجاعة حين أوت عندها السرفاتي سنوات ملاحقته، ستقوم بزيارته في ردهة السجن بوساطة من دانييل ميتران، صاحبة الفضل في زواجهما. حالم ورقيق المشاعر، تخفيهما هيأة ثوري صلب، هكذا قضى أبراهام حقبة السجن، يلازمه حب طفولي نحو كريستين، هذه المرأة التي شكلت سنده المطلق إلى غاية إطلاق سراحه شهر شتنبر 1991. حرية، من أجل منفى مؤلم : إعادة إحياء قرار رسمي قديم يعود إلى فترة الحماية، من طرف ادريس البصري الوزير السابق للداخلية، ألصق به الجنسية البرازيلية على نحو غريب، فاضطر السرفاتي لقضاء ثمان سنوات في فرنسا. أما الشكوى التي تقدم بها محاميه عبد الرحيم برادة ضد الوزير وشطط توظيفه للسلطة، فلم يسفر عن أي شيء. رفض السرفاتي، تجرع هذا المنفى الإجباري، جعل حياته قاتمة. كان بوسعه إنهاء حياته في أوروبا بالقرب من "موريس" ابنه الوحيد وحفيده "تيو"، لكن رغبة العودة ثانية إلى وطنه الذي عشقه "عضويا" كما قال: ((كي يحيا فيه أولى خيوط الحرية، حين يبزغ الفجر)).
يوم 30 شتنبر 1999، وبعد تغير الحكم، تمكن السرفاتي أخيرا من العودة إلى المغرب، حرا، سعيدا ومُدلّلا. وقد "تهدّأ" أيضا : فإن شعلة ثوري سنوات 1970، وإن صارت جمرا، بقيت في العمق متوقدة : رجل مهووس بالعدالة والحرية، مفكر مثالي، حالم وعنيد أيضا. سنة 2002، كتب بيد ترتجف : "بعد مرور اثنتي وثلاثين سنة، أتأمل الطريق، والتضحيات التي بذلت والأخطاء المقترفة والنجاحات والإخفاقات. لكني، سأبقى مقتنعا، بأن مشروع صيف 1970، ترسخ بعد ذلك بعمق لدى الشعب المغربي".
فاسترح قرير العين، عزيزي ديدي.
*معتقل سياسي سابق
- La vie éco : Vendredi 26 novembre 2010.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.