يلتئم المئات من موثقي بلدان دول البحر الأبيض المتوسط، على مدى يومين في مدينة طنجة، لمناقشة الإشكاليات المرتبطة بالعقود التوثيقية والفعالية الاقتصادية، والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأنظمة التوارث في القانون الدولي الخاص. مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، قال في الجلسة الافتتاحية للدورة الخامسة للملتقى الذي ينظمه المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب، بشراكة مع الاتحاد الدولي للموثقين، إنه لا يمكن تحقيق الأمن القضائي بدون الأمن التوثيقي الذي يعد ركيزة أساسية". وأضاف الرميد أن "عقدا جيدا وملتزما بالقانون يعني نزاعات قليلة، وإذا وقعت النزاعات يظل حلها وتحقيق العدالة ميسورا وسهلا"، مبديا اهتمام وزارة العدل والحريات، بهذه المهنة التي تعد من أهم المهن القضائية. "القانون الجديد للتوثيق له استحقاقات، ونشتغل حاليا على وضع المراسيم المنظمة له"، يقول وزير العدل والحريات الذي كشف عن إعداد وزاراته لمشروع مرسوم لتحديد أتعاب الموثقين وصندوق لضمان الموثقين". الرميد دعا موثقي المملكة إلى استغلال الملتقى للإطلاع على أكبر قدر من الممارسات الجيدة في الدول المتوسطية، مؤكدا أن القانون الذي أثار مشاكل في فرنسا، والذي يهم التوثيق، وإن تبنته فرنسا فإن المغرب لن يتبنى مثيلا له. وأكد مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، أن العولمة فرضت على الفضاء الأورومتوسطي مفاهيم وقيم جديدة وتحديات معقدة، بسبب "الأزمة الاقتصادية ومشكلات الهجرة، ومخاطر التلوث البيئي، والتطورات التقنية الحديثة في مجال التعاقد وشبكات الإجرام الدولي". وأورد فارس أن "المغرب بحكم موقعه الجغرافي والإستراتيجي يعمل على توفير ترسانة قانونية عصرية متكاملة، وتطوير بنيته التحتية، وتأهيل العنصر البشري الفاعل في إنتاج العدالة"، مشيرا إلى ما عرفته مهنة التوثيق بالمغرب من طفرة كبرى". وذكر فارس بالمكانة الاعتبارية والدور الذي يلعبه الموثق، والعقد التوثيقي في مجال استقرار المعاملات كمدخل أساسي لتحقيق التنمية، مشيرا إلى "ضمانه للأمن التعاقدي من خلال حماية حقوق المتعاقدين والمساهمة في توقي حدوث المنازعات أو في حلها". ومن جانبه أشار جون بول دوكور، المنسق العام لملتقى موثقي دول البحر الأبيض المتوسط، إلى التطور الذي يشهده المغرب في مجال التوثيق، مؤكدا أن "الجغرافيا التي تجمع دول البحر الأبيض هي التي ستصنع التاريخ والاقتصاد، بهدف فهم بعضنا البعض وتبادل التجارب". الملتقى، الذي ينظم تحت رعاية الملك محمد السادس، واختار له المنظمون شعار "الموثق شريك في التنمية وضامن للأمن القانوني"، يعرف مشاركة موثقين وخبراء قانونيين وفاعلين اقتصاديين من 22 دولة من ضفتي البحر الأبيض المتوسط، من بينها فرنسا واسبانيا، وإيطاليا وكرواتيا، وتركيا، وألبانيا ، والجزائر، وتونس، لبنان. ويعتبر القائمون على الملتقى أن هذه المواضيع ذات راهنية كبيرة بالنسبة للتوثيق المغربي الذي يعرف دينامية مع دخول القانون الجديد حيز التنفيذ، بما تكرس مقتضياته من حمولات على مستوى تعزيز دور الهيئة الوطنية للموثقين، في تقوية موقعها في مجال حماية الحقوق، والممتلكات، وتشجيع الاستثمار، ودعم الجاذبية الاقتصادية للمغرب. ويسعى المشاركون، إلى دراسة سبل المساهمة في تحقيق التقارب الضروري بين الأنظمة القانونية للدول المتوسطية، في مجال تنزيل المقتضيات المرتبطة بعقود الإرث في القانون الدولي الخاص، وتقييم تداعيات إقرار وتعميم العقد التوثيقي على تحقيق الآمن التعاقدي في الحوض المتوسطي.