طالب ناشطون حقوقيون مغاربة وزارة الداخلية، بصفتها الجهاز الوصي، بإحداث لجنة تحقيق في ملف التدبير المفوض للنفايات بمدينة سيدي يحيى الغرب، على خلفية ما أثير أخيرا من طرف جمعياتٍ رصدت ما وصفته "خروقات" تهم جمع النفايات، ترقى إلى "جريمة نهب المال العام". وكانت جمعية "العهد الجديد" بسيدي يحيى الغرب، وفرع المركز المغربي لحقوق الإنسان بالمدينة، قد شكلا لجنة مشتركة للتقصي، خلص في بيان توصلت به هسبريس، إلى أن "شركة تدبير نفايات المدينة تعمد إلى "ملء حاويات الأزبال بالحجارة والرمال"، قصد "النفخ في فواتير جمع النفايات". المسكاوي: دور "الداخلية" محمد المسكاوي، رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام، بعد أن اطلع على الموضوع والفيديو الذي تم بثه بهذا الشأن، قال إن "هذه الممارسات تلجأ إليها بعض الشركات بهدف الرفع من مداخليها المالية، عبر اللجوء إلى جعل الأتربة والأحجار تحت الأزبال، حتى يكون الوزن كبيرا". وأكد المسكاوي، في تصريحات لجريدة هسبريس، إن هذه الممارسات التي تلجأ إليها مثل هذه الشركات تعتبر "ممارسات ممنوعة بحكم القانون ودفاتر التحملات التي تنظم مجال تدبير النفايات بالبلاد، مبرزا أنه بهذا الوضع "نحن أمام سرقة للمال العام" وفق تعبيره. وتابع الناشط الحقوقي "في قضية سيدي يحيى نطالب بلجنة للتحقيق من طرف وزارة الداخلية، باعتبارها الجهاز الوصي، ونطالب أيضا بوقفة تقييمية لموضوع التدبير المفوض للنفايات، بما يضمن جودة الخدمات والحفاظ على المال العام". وشدد رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام على ضرورة التوفر على دفتر تحملات نموذجي، في قطاع تدبير النفايات وما يتصل به، بحيث ضمن الشفافية وتكافؤ الفرص بين جميع الشركات"، مطالبا في الآن نفسه المجالس المنتخبة بأن تتحمل دورها في المراقبة". الخضري: هذه حقيقة الفيديو والبيان ومن جهته أوضح عبد الإله الخضري، مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان، أن هيئته توصلت بمعطيات تدبير نفايات سيدي يحيى الغرب قبل شهرين، من لدن جمعية "العهد الجديد"، لكن "تريثنا حتى يقف المركز على حقيقة الأمر، وقمنا بتشكيل لجنة مشتركة للاستماع لمواطنين المدينة". وتابع الخضري، في تصريحات لجريدة هسبريس، بأنه "بالفعل تم الاستماع إلى عدد من السكان، ولدينا تسجيلات في الموضوع، كما أن مسؤول الشركة سبق أن اطلع على الموضوع بعد لقائه برئيس جمعية العهد الجديد، إلا أنهم تجاهلوا احتجاجات المواطنين..". وأورد المتحدث أنه "تم إشعار مسؤولي الشركة بما يجري، وبكونها ملزمة بالكف عن تلك الممارسات، كما تم إشعار ممثلي السلطات العمومية في البداية بأن فعاليات المجتمع المدني ستقوم بالتحقيق في ممارسات الشركة المذكورة منذ بداية التحقيق". وشدد الناشط على أن "جمعيته لن تذخر جهدا في محاربة ما سماها الممارسات غير المشروعة، التي تمس بحقوق المواطنين وتنطوي على نهب المال العام"، مضيفا أن "تهديدات الشركة المعنية لا تخيفنا، فنحن مصرون على طلب التحقيق حول ممارساتها". وزاد الخضري بالقول "ليست لدينا حسابات مع الشركة أو مع مسؤوليها، ولا نعرفهم حتى، لأننا تعاطينا مع هذا الملف بموضوعية متناهية، ولو لم نتأكد من مصداقية وحجية التقرير، لما قمنا أصلا بالمصادقة عليه ونشره في الإعلام"، مؤكدا متابعة المركز للموضوع بحزم ودقة". واستطرد "لدينا حالة مشابهة في مراكش ومدن أخرى، سنعلن عنها في الوقت المناسب، بعد التأكد منها وجمع المعطيات الخاصة بها"، مبديا أسفه بأنه "كلما علت حناجرنا بالتنديد بالفساد ونهب المال العام، تعرضنا للتهديد والوعيد، فمتى يصلح هذا المجتمع، وتتحقق العدالة الاجتماعية" يتساءل الخضري. بكار: كارثة في حق السكان وبدوره قال عبد الواحد بكار، رئيس جمعية "العهد الجديد للتنمية والتضامن والحفاظ على التراث الشعبي" بسيدي يحيى الغرب، في تصريحات لهسبريس، إن طريقة تدبير نفايات المدينة تعتبر كارثة بكل المقاييس، وجريمة تمارس في حق الساكنة علنا دون تدخل السلطات الوصية". واستنكر الناشط الحقوقي بالمدينة ذاتها أن تعمد الشركة المعنية على ملء حاويات بالرمال التي يأتي بها العمال من أحد مجاري المياه بإحدى الجماعات السلالية، فيما يتم وضع أزبال عادية من أوراق ومتلاشيات ويغرها فوق سطح الحاوية، حتى لا تثير أية شكوك" وفق تعبيره. وتابع بكار بأن الشركة تستقدم أيضا الحجارة من أحد المقالع القريبة ليتم إفراغها في بعض الحاويات حتى يصبح وزنها ثقيلة، من أجل النفخ في فواتير النفايات، مبرزا أن هذا الوضع أفضى إلى امتلاء الحاويات بالحجر والرمال، فيما الأزبال التي يخلفها السكان تبقى دون جمع" على حد قوله. وكشف الناشط بأنه "يتم حمل حاوية الأزبال نهاية اليوم ليتم وزن محتوياتها، ثم تعود إلى مقر المجلس البلدي، الذي يعتبر مقر شركة المناولة، فيما يتم في صباح الغد إقامة وزن جديد للحاوية بتاريخ ثان"، يورد بكار الذي أكد أن" جمعيته لم تتصد لهذه الأعمال إلا بعد أن اشتكى عدد من سكان المدينة للجمعية".