إلى حسناء أبو زيد … تحية، وبعد السلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته، وعلى النساء جميعا … السلام على زينب الغزوي ومثيلاتها من الشابات والشباب … السلام على المخدوعين في « داعش » وغيرها.. السلام سلاما كثيرا طيبا مباركا فيه مباركا عليه، على الثائرين، الحائرين… المتطرفين أحيانا، المعتدلين أخرى، الفاعلين قليلا، المفعول بهم غالبا، المجرورين في سرادب الغواية والوشاية والدعاشة و « الفشاشة » … السلام عليهم جميعا، سلاما كثيرا هو من باب الدعاء والتوسل لله تعالى سبحانه، أن يرضى ويعفو وينير العقول والقلوب ويهدي إلى خالص النيات وأحسن الأقوال و خير الأفعال، إنه لا يهدي لذلك سواه… والسلام عليهم جميعا، من باب ثان لمن لا يؤمن بالله، جل الله، هو باب الضمير الإنساني والعلو إلى مقامات إرادة الخير للجميع وابتغاء الأمان للجميع، واحترام الجميع وتقدير الجميع. وبذلك نزلت الشرائع وتواترت حكم الفاهمين عن الله ألا إكراه، وما يعلم تاويله إلا الله ، والراسخون في العلم .. ولذلك هديت أفهام، وبه أنيرت عقول، وإن لم تؤمن ، وما يذكر إلا أولو الألباب. فالسلام على الجميع ابتداء. أما بعد، أعلن كما أعلنْتِ، تضامني المُطلق مع زينب وسواها، ضد كل تهديد ووعيد، وأعتبر ذلك إن صح انجرارا إلى الغثائية وهويا إلى دركات التشرذم والتمزق، الذي لا يدع مجالا ولا وقتا للبناء، وهو بذلك أخطر بكثير من الإعلان عن أفكار، مهما بلغت من تطرفها واستفزازها وانحطاطها أحيانا . وأعلن بلا تحفظ، امتعاضي ممن باسم الله، جل الله وتقدس الله، سبحانه وتعالى، عما يصفون، تدفعهم الشِرَّةُ، وشَرُّ التفكير وبُؤس التَّفكُّر إلى استسهال تهديد الناس، كل الناس، أو قتلِ الناس، أو سوء الظن بالناس وسوءِ الخُلق مع الناس والعُلوِّ على الناس وظن الخير بالنفس دون سائر الناس، ومن شرع رب الناس، أن عذبت امرأة في هرة، ودخل الجنة رجل في كلب، وهُديت للحق أقوام شرار كان لهم صوتَ خير، مُنادٍ بالإيمان ، مِن هُنا الطريق، مِن هنا البداية، فتابوا وآمنوا وأحسنوا. وأعلن بكل قوة، وهدوء، إدانتي المطلقة من كل تحفظ، لكل ناعق وناعقة بازدراء الأديان وإهانة المقدسات واستمراء الأمر واستسهاله، وجعله سبيلا ومطية سهلة للشهرة والظهور..وأدين تلك المنابر هنا وهناك، الراصدة لكل تطرف من هذا النوع لتبرزه وتميزه عن غيره، وتلبسه ثوب الضحية وتنصب على حريته حيطان مبكى باطنها فيه العداء والكيد والمكر، وظاهرها من قبله الحرية وقيمها والسلام وشعاراته. سيدتي الكريمة، لا اختلاف أولا، في أن التطرف مرفوض بكل أنواعه . ولا اختلاف ثانيا في أن فلسفة اجتماع الناس وبناء الدول، مبنية على كون الفرد ضعيف بنفسه قوي بأخيه من جهة، وكون هذه القوة من المهام الأساسية لمؤسسات إدارة أو « حكم » هذه المجتمعات من جهة أخرى أساسية، مع اعتبار كبير لواجب كل عضو في الانسجام والامتثال طوعا وبإرادة حرة، وهو الأمثل، أو تحت طائلة الضبط … فتحت هذه النافذة لأخلص لنقطة مهمة جدا في تقديري، بعد نقطة المسؤولية الذاتية للأفراد، التي نتحدث عنها جميعا ونغرق فضاءات الحوار بها، نجلد الذات الفردية كثيرا وكلما اقتربنا من مسؤولية مديري مجتمعاتنا، صمتنا في أحسن الأحوال، ومنا من لا يذكر الدولة (قصدي، الجهاز المدير، وأشير لها ب « الجهاز » معرفا ب ال ) إلا ليسجل نقاط صلح لصالحه ويبطن رسائل وفاق واتفاق، ويلمز ويغمز، ويرفع رقبته للناظرين من أهل « الجهاز » مُطلاّ يرجو سهمه، وأما الرؤوس التي أينعت برفض، أو اختلاف أو خلاف ، فقد قُطفت سيدتي، أو هي طور « القطف ». أين « الجهاز » من مسؤوليته عن برامج التربية والتعليم والإعلام؟ أين في هذه الفضاءات التربية على الحرية وقيم العيش المشتركة الفضلى، أين تحديدها ابتداء وتعميم النقاش فيها والإجماع عليها؟ لماذا تحصن قيم « الجهاز » دستوريا وتنفيذيا وتعمم لتصير عُرفا وثقافة ، فلا تسب رموزه ولا يقترب منها، ويستهلك المستهلكون المغيَّبون عن هذا الجوهر، وقتهم في تعاطٍ فظيع مُريعٍ لا ذوق فيه ولا لون له ولا طعم، مع مقدسات هي أسبق من « الجهاز » وأولى منه بالتقديس والاحترام؟ ثم دون ذلك، أين العدل في التعاطي مع المتطرفين جميعا، نصحا وضبطا وتعزيرا… إن ثبت تطرفهم بطبيعة الحال، ولم يرموا بذلك في سياق « القطف »؟وإن من مقام الشهامة، إعلان التضامن، وهو لا شك معنى من روح حمل الكل وإكساب المعدوم والإعانة على نوائب الحق، هنيئا لك.لكن من صفاء المقام، وتمامه، أن يعم فيشمل المطرودين من بيوت الله أتوها معتكفين في رمضان، ويشمل المخطوفين والمضيق عليهم في الأرزاق والأذواق، الملجئين للآفاق هربا وتعبا من أفعال « الجهاز » ولا حسيب ولا رقيب ولا متضامن ولا متضامنة إلا أن يكون صوت كَلٍّ بَحٍّ معدومٍ … سيدتي ، ماذا نفعل كي لا نخاف ؟ وماذا نفعل كي لا نهجر الوطن ؟ وماذا نفعل كي نعيش جميعا؟ متساوين .. ألسنا نولد أحرارا؟ سيدتي، الله يريدنا جميعا أقوياء، وإن من « السبل » الصارفة عن الاهتمام بالشؤون الكلية للمجتمعات، أن تنصرف النساء وحيدات تنادين بحريتهن واحترامهن وتقديرهن وتتباكين في مارس من كل عام… عذرا سيدتي، الله يريدنا جميعا أقوياء. من للطفل ذكرا كان أو أنثى، من يربيه ويعلمه؟ من للرجل المسكين شابا معطلا أو عاطلا، فاعلا يرجو الرفع أو مفعولا به يرجو التنبيه؟ أو عاملا وموظفا يرجو التقدير في العمل وأداء حقه قبل أن يجف عرقه موفى غير منقوص؟ أو شيخا هرما، أكلت شبيبته وشيبته؟ ومن للمرأة، زوجة مصانة أو عاملة مكرمة أو مطلقة نالت حقها، أو قاضية ، حاكمة ، مديرة شؤون البلاد والعباد؟من لنا جميعا ؟ قد ختمت مقالك مؤمنة محتسبة، جزاك الله كل خير، ولم يغرني في أن أكتب إليك سوى ذلك، ولا يغرني سوى كريم ( ما غرك بربك الكريم) ، قلتِ : « لأننا وإياك وهم معنا ننتظر أجلا مسمى يترجم الحقيقة الوحيدة الثابتة في وجودنا ..لا يحكمه ما يحيكون ولأن لكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون » … الموعد التاريخ، يشهد على الجميع . والموعد الله، لتجزى كل نفس بما كسبت، الموعد الله، لا إله إلا الله، محمد رسول الله ، صلى الله عليه وآله وصحبه وإخوانه وحزبه.