وصف الباحث محمد الساسي مفهوم العزوف السياسي، خلال مشاركته في ندوة حول "الشباب والسياسة: حصيلة وآفاق"، بالخطاب القديم الذي يُحمل المسؤولية للشباب، ويحمل في طياته تحاملا مبالغا فيه، ويعكس جزء من صراع الأجيال، مؤكدا أن الواقع يشير إلى العزوف الانتخابي وليس السياسي. وفي ذات الندوة المنظمة من طرف المرصد الوطني لحقوق الإنسان، مساء السبت بالجديدة، والتي كان من المبرمج أن يحضرها كل من توفيق بوعشرين، وعبد العزيز افتاتي، وصلاح الوديع، ومحمد ضريف، وطارق الثلاثي، فقد شدد محمد الساسي على ضرورة التمييز بين النواة الأصلية لحركة 20 فبراير، وبين ذات الحركة وهي في الشارع مكونة من النواة الأصلية إلى جانب داعمين لهم شعاراتهم ومطالبهم. وعّدد الساسي في مداخلته عددا من المطالب التي رفعتها الحركة إبان حراك 2011 فيما سُمي ب"المطالب العشرين للشعب المغربي"، والتي اعتبرت آنذاك برنامجا أو أرضية للانتقال، مؤكدا أن موجات الانتقال تكون محكومة بعدة مؤشرات ومواصفات كالتوافق التاريخي، ووجود ميثاق سياسي، نوع المحيط الجيوسياسي، والإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، والإرادة والانفتاح السياسيين. وأخذت حركة 20 فبراير النصيب الأوفر من مداخلة محمد الساسي الذي أكد أنها عرفت عددا من المشاكل ونقط الضعف، ومن جملتها "العجز عن استقطاب الكتلة الحرجة القادرة على تغيير موازين القوى في الشارع، والغموض والتعارض الذي طبع شعارات الحركة خلال انتقالها من العالم الافتراضي إلى الشارع"، وفق تعبير الساسي وعوض الحديث عن العزوف السياسي، أوضح محمد الساسي أن الأمر يتعلق بثلاث هجرات قام بها الشباب، أولها الهجرة إلى الحركات الإسلامية، ثم إلى المجتمع المدني، وأخيرا إلى العالم الافتراضي "عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي الذي أصبح بمثابة حزب إلكتروني"، وفق ذات المتحدث. وتطرق الأستاذ عبد العزيز بنار في مداخلته إلى حال الشبيبات الحزبية الحالية وما تعيشه الأحزاب من توريت سياسي، كما أشار إلى عامل الخوف من الخسارة كعائق أمام المشاركة السياسية، مقترحا بعض المداخل لمشاركة الشباب في الفعل السياسي، ومنبها إلى أن الأحزاب التي ينحصر وجودها ونضالها في المحطات الانتخابية لن تستطيع خلق بدائل محددة للشباب. وعن علاقة الحكومة بالشعب، أشار عبد العزيز بنار إلى أن "التجارب أكدت أن الحكومات والأنظمة تواجه أعداء شعوبها، إلا أن أنظمتنا وحكومتنا تواجه شعوبها"، مؤكدا أن "الأحزاب والحكومة لا تستمد شرعيتها من الإرادة الشعبية لتلبية المطالب، بل تستمدها من شيء آخر".