أطلق كل من ادريس لشكر عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي ومولاي امحمد الخليفة عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال نداءان مستعجلان كل حسب طريقته، من أجل الدخول في إصلاحات سياسية حقيقية تجاوبا مع المطالب التي رفعتها حركة 20 فبراير. فقد دعا ادريس لشكر في القاء الذي دعى إليه المكتب الجهوي لحزب الاستقلال بالرباط منذ يومين إلى إطلاق خطة وطنية لمحاربة الفساد الاقتصادي يشرع في تطبيقها قبل الوصول إلى محطة الاستفتاء في يونيو المقبل. ولم يمنع الموقع الحكومي الذي يتحدث منه ادريس لشكر كوزير مكلف بالعلاقات مع البرلمان من ثأثيره في الحاضرين، الذين حجوا بكثافة للاستماع إلى حساسيات سياسية مختلفة في موضوع "الإصلاح الدستوري والأفق الديمقراطي". وأوضح لشكر بأن الأوراش التي تم إطلاقها في المدة الأخيرة مهمة جدا لكن كان ينقصها ورش واحد، أسماه "ورش التنمية السياسية" التي ظلت مغيبة طيلة السنوات الأخيرة حسب قوله. أما فيما يتعلق بالجدل حول تعديل الدستور فقد أوضح لشكر بأن النقاش الدائر حاليا لا ينبغي أن ينصب على نمودج الدستور، باعتبار أن ذلك مهمة سهلة قد تتكلف بها إحدى شعب القانون العام في الكليات، ولكن التركيز ينبغي أن ينصب حسب قوله على دستور ديمقراطي وحداثي وغير تقليدي وهو الذي يمكن اختصاره على المقولة الفلسفية "الدستور الذي يصلح لهذا الشعب في هذا الزمن". وإذا كان نداء ادريس لشكر يهدف إلى توقيف الاستفادة من الريع الاقتصادي، فإن الدستور المنتظر الاستفتاء عليه ينبغي أن يأخد بعين الاعتبار خلافات المغاربة، وتعدد الهوية الذي لم يتم إنصافه من خلال دستور 1996 حسب قوله. ولم يمر اللقاء دون أن ينتقص لشكر من قيمة ما أسماها بعض الأفكار مثل الحديث عن عدم وجود ثمتيلية لرجال الدين في اللجنة الاستشارية لتعديل الدستور، فبخلاف ذلك يرى لشكر أن وجود امرأة ألقت أحد الدروس الحسنية بين أيدي الملك ضمن هذه اللجنة، كفيل بالحد من هذا الانتقاد على اعتبار أنه لا فرق بين رجال الدين ونسائه وذلك في إشارة إلى العالمة رجاء مكاوي. كما انتقد ادريس لشكر خلال اللقاء المذكور اعتبار الشارع ناطقا رسميا باسم شباب حركة 20 فبراير، لأن ذلك سيجعل منه أضعف طرف في المعادلة والحوار الحقيقي في نظره، ينبغي أن يتم داخل المؤسسات معتبرا أن دعوات من هذا النوع دعوات شعبوية. واستغل نفس المصدر المناسبة لكي يستعرض بعض فوائد الانتماء إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهي التربية على مناهضة الاستبداد والانحياز التام لمطالب المسحوقين في المجتمع. أما امحمد الخليفة فقد أطلق خلال نفس اللقاء نداء مشابها طالب من خلاله الملك محمد السادس، باتخاد 100 إجراء وإجراء لتصفية الأجواء وتهييء الجو المناسب للإصلاح السياسي. ويرى الخليفة بأن ثورة المغرب سيقودها الملك محمد السادس نفسه من خلال اتخاذه لهذه التدابير الاستعجالية التي تقوم على تصفية كل ملفات الفساد وإحالتها على العدالة، وقطع رؤوس "المفسدين" الذين تمت الإشارة إليهم في الاحتجاجات، ولا بأس أن تشمل هذه الإجراءات إعفاء بعض العمال والولاة والسفراء حسب قوله. واعتبر الخليفة أن الخطاب الملكي ليوم 9 مارس الماضي كان خطابا شموليا يؤسس لثورة دستورية رغم كونه اقتصر على 911 كلمة و9 دقائق ونصف، كانت كافية لكي يفهمه المغاربة موضحا من الخطأ الاعتبار بأن حركة 20 فبراير وحدها كانت وراء الخطاب الملكي المشار إليه، مؤكدا في الوقت نفسه أنه من الخطأ الكبير أيضا نفي العلاقة بين 20 فبراير والخطأ. كما انتقد الخليفة محمد الساسي القيادي في الحزب الاشتراكي الموحد الذي قدم مبررات لمقاطعة حزبه للجنة الاستشارية لتعديل الدستور، معتبرا أن هذه المبررات هي مبررات للمشاركة وليس للمقاطعة. وإذا كانت نداءات كل من امحمد الخليفة القيادي في حزب الاستقلال وادريس لشكر القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي تلتقي في كونها ذات طابع استعجالي حدد لها مدة تطبيق قبل الاستفتاء على الدستور، فإن الرجلان يلتقيان في كونهما كانا منافسين عنيدين كل في حزبه لكل من عباس الفاسي الأمين العام وعبد الواحد الراضي الكاتب الأول بعد ترشحهما للقيادة. من جهته يرى محمد الساسي أن الخطاب الملكي ليوم 9 مارس هيئ الجو لتوسيع اختصاصات الحكومة والبرلمان، غير أن هذا التوسيع لن يكون ذو جدوى إذا لم يقترن بتقليص الصلاحيات الملكية. وأوضح الساسي بأن حزبه انطلق من الإجابة على عدة أسئلة، وهي هل الدستور المغربي يؤسس لملكية تحت الدستور أو فوقه و هل تستمد الملكية شرعيتها من البيعة أم من الدستور، ليتم الخلوص في النهاية إلى أن الإشكالية هي دسترة الدستور نفسه، غير أن موقفه ظل منفردا مع باقي الفاعلين السياسيين الذين حضروا اللقاء. وقد خص الساسي جزءا كبيرا من مداخلته خلال اللقاء المذكور للحديث عن المؤسسة الملكية، معتبرا أن الثورة على ماهو سائد لا تعني الملك في شيء لأن الملك سيكون مع الثوار، وأن المطالب تصب في اتجاه نريد أن نربح من خلاله الملكية والديمقراطية. وبخلاف الموقف الذي أعلن عنه الاشتراكي الموحد وهو مقاطعة أشغال اللجنة الاستشارية لتعديل الدستور، فقد طلب الساسي من كل ادريس لشكر وامحمد الخليفة وسعد الدين العثماني وعبد الواحد سهيل التشبث بما تم اقتراحه باعتبارها مطالب جيدة من لدن الأحزاب. كما عارض الساسي بشدة مطلب ثأنيت الملكية في المغرب الذي دعت إليه إحدى الحاضرات، لكون ذلك سيؤدي إلى المس باستمرار الدولة العلوية في الحكم حسب قوله، وبخصوص الجدل حول إمارة المؤمنين يرى المتحدث نفسه أن إمارة المؤمنين يجب أن تتحول إلى لقب يعطي للملك إلى الإشراف على القضايا الدينية، وأن تحل عبارة الملك شخص ذو حصانة بدل عبارة الملك شخص مقدس. يذكر أن اللقاء المشار إليه دعت إليه الكتابة الجهوية لحزب الاستقلال، وحضره كل محمد الساسي وادريس لشكر وامحمد الخليفة وسعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وعبد الواحد سهيل عضو الديوان السياسي لحز التقدم والاشتراكية وقام بتسييره الزميل عبد العزيز كوكاس.