تعد الصحفية ثريا أحيان من الصحافيين المغاربة القلائل الذين ينشطون في وسائل الإعلام الهولندية والتي استطاعت وهي تشغل منصب رئيسة تحرير بإحدى أكبر شبكات التلفزيون الهولندية "إس. بي.إس"، أن تحظى بالتقدير لكونها عرفت كيف تفرض نفسها، على مدى عشرين سنة، في العالم المغلق لوسائل الإعلام الهولندية. عندما وصلت إلى هولندا وعمرها لا يزيد عن ست سنوات، في إطار التجمع العائلي، شرعت السيدة أحيان، ببطء لكن بثبات، في بلورة مسارها المهني داخل القناة الهولندية التي التحقت بها في سن 23 سنة، بعد متابعتها للدراسة في مجال الصحافة بالمعهد الشهير للتعليم العالي (آ ش بي أو)، وكذا استفادتها من دورات تكوينية بالقناتين العموميتين "إن أو إس" و "آر تي إل". وفي حديث معها تعرجت هذه الصحافية على خطواتها الأولى كصحفية مغربية مهاجرة، وهي مصممة على خوض غمار تحديات جديدة في عالم لا يعترف إلا بالأداء والإنتاجية والمثابرة والنفس الطويل.. فهمت منذ البداية أن الصحافة هي في المقام الأول مهنة تعطي ثمارها لمن يحبها، ولهذا صممت الصحافية أحيان على تحقيق هدف واحد، يتمثل في إيجاد موطئ قدم في مهنة المتاعب وفرض وجودها كصحفية. "عندما بدأت العمل لدى القناة الهولندية كان كل اهتمامي مركزا على أن أكون في مستوى جيد، إسوة بباقي زملائي الهولنديين"، تقول هذه الصحفية المزدادة بتطوان، وذات الشخصية التي يستشف منها البساطة والتواضع والتعاطف.. وقالت أيضا إنها خلال هذه الفترة من حياتها المهنية "كنت أرغب دائما في لقاء الناس وسرد قصصهم، وكنت، في سبيل ذلك، أعمل خارج ساعات العمل المقررة ولم تعوزني المبادرات"، مشددة في ذات السياق على أنها لم تكن تحس بأي تمييز. برأيها، فإن العمل في القناة التلفزية المذكورة كان يرتكز حصريا على الأداء وإبراز معالم الشخصية والعمل الجيد، بغض النظر عن الأصل الذي ينحدر منه الصحافي. وبسبب أصولها المهاجرة، فقد كانت ثريا تطلب على الدوام أن ينظر إليها على أساس أنها صحفية شمولية وليست متخصصة في قضايا الهجرة. وأعربت الصحفية أحيان عن أسفها لتراجع عدد الصحفيين المغاربة العاملين داخل وسائل الإعلام الهولندية. وقالت بهذا الخصوص، "إننا نحن الصحفيين المنحدرين من أصول مهاجرة، والذين لديهم التجارب والتعليم المطلوبين، هم المناطون بالمساهمة في مناهضة الصور السلبية حول المغاربة والإسلام والمهاجرين بشكل عام". وأبرزت هذه الصحافية أن القناعة السائدة داخل قناة "إ س بي إس" تسير في اتجاه أن المقالات الصحفية يجب أن تعكس تنوع المجتمع، شريطة أن يظهر الصحفي الكفاءة والحوافز الضرورية، متسائلة في هذا المقام عن السبب الذي يجعل الطلبة المغاربة لا يختارون مجال الصحافة. وأكدت الصحفية ثريا أحيان أنها لا تفهم سر الخوف الذي يبديه بعض المغاربة المقيمين في هولندا بخصوص التحدث إلى وسائل الإعلام، باعتبارها السبيل الوحيد لفضح المفاهيم الخاطئة المستشرية في المجتمع أو تلك التي تتداولها الصحف الهولندية.. ولفتت إلى أن "بعض وسائل الإعلام قد تسقط في بعض التلاعبات، لكن الصحفيين ليسوا جميعهم متلاعبين"، معربة عن سعادتها لكونها حظيت بفرصة العمل إلى جانب زملاء يقظين ومنفتحين. وردا على سؤال حول وضعية المرأة المغربية في هولندا، أبرزت الصحفية أحيان التقدم الكبير الذي تم إحرازه خلال السنوات الأخيرة من قبل مواطناتها، اللاتي أصبحن يحرصن على استكمال الدراسة والعمل والاندماج في بلد الإقامة، وذلك على الرغم من استمرار تنامي بعض الصور النمطية. كما أبدت إعجابها بدينامية المرأة المغربية، التي تمكنت من اكتساب حقوق لا يمكن تجاهلها ومن تحسين وضعيتها من خلال الانخراط في مناصب المسؤولية في مختلف المجالات، علاوة على كفاحها ضد العنف المنزلي ومن أجل المساواة بين الجنسين.. ومع ذلك، تقر رئيسة التحرير بقناة "إس. بي.إس"، بأنه لا يزال يتعين بدل المزيد من الجهود في سبيل أن ترتقي المرأة المغربية إلى المكانة المنوطة بها داخل المجتمع. * و.م.ع