تجد نخبة نساء بلدي الوقت كافيا لتناضل من أجل المناصفة وتجريم التحرش والعنف الزوجي والمطالبة بالمساواة في الإرث وتأمين حقوقهن الجنسية والإنجابية ،وإرغام فتيات البادية على انتظار ثمانية عشر حولا كاملا حتى تتزوجن وأشياء أخرى ،لكنهن لا يجدن الفرصة سانحة للدخول للمعترك الحقيقي للنضال ،ونقصد به جمع القاعدة الانتخابية بشتى الوسائل المشروعة والشبه المشروعة،والنزول للشارع للقيام بحملات انتخابية بكل ما تحمله من لهفة اقتناص الأصوات من أفواه الناخبين وتفكيك خيوط شبكات عناكب الانتخابات ،عوض انتظار منة من الزوج أو القريب أو الزعيم لإلصاق إسمها وترتيبه جيدا في اللائحة الوطنية للنساء . ثلث البرلمان اليوم مؤثث بعطر جميل بعد تخصيص ريع محترم جدا للنساء والشباب في قبة بنيت أصلا لتختبر قدرة الاحزاب السياسية على تأطير المواطنين وايصال صوتهم للفاعل التنفيذي ،إنه تحنيط سيء للديموقراطية وواجهة خادعة لن تفيد المستقبل بشيء ،فنفس الأسماء النسوية تقريبا ستزخرف جنبات المجلس التشريعي لسنوات حارمات جيلا جديدا من المبدعات و النشيطات في كل الميادين من أخذ فرصهن بامتياز ،ومن يقدر على زحزحتهن ؟ اسمها ديلما روسيف ،نهلت من نفس الظروف التي تعيشها نساء عديدات في بلدي ، لكنها استطاعت بقوة واصرار انتزاع أصوات البرازيليين لتتبوأ عن جدارة واستحقاق قمة الهرم التنفيذي للبرازيل ،رشيدة داتي التي أتت من أسرة تحتمل كل شرور اليأس لتصبح على رأس وزارة العدل في بلد فولتير بعدما جابت شوارع باريس شبه حافية بحثا عن ناخبين محتملين ،نجاة بلقاسم التي تجاوزت أهراما كبيرة بحزبها الاشتراكي ،واستحقت أخيرا منصب وزيرة التربية الوطنية .طبعا لا ننسى بعض نقط الضوء لدينا، السيدة نبيلة منيب التي أزاحت في أجواء شفافة مثقفا كبيرا هو الساسي ،والحسناء أبو زيد التي لا تحتاج لتبليص اسمها في الائحة الاشتراكية الوطنية فلها مريدوها والبرلمانية برجال التي تلحفت القوافي غزلا وغمزا،وأخريات يستطعن بسهولة خطف الفوز من أفواه الرجال بقوة حجتهن وصلابتهن ومن دون رشى أو تزوير،رأسمالهن الوحيد اطمئنان الجمهور لنظافة أيديهن وقدرتهن على الدفاع عن مصالح منتخبيهن . ليس في الدستور الجديد نص يحدد عدد النساء وجوبا في البرلمان أو الحكومة ،وإن الذي يضمن حقوقها ويحسن أحوالها ويصل بها للمناصفة حقا هو العمل الميداني بين الأزقة والحواري، والأرقام لم ترفع من شأن المرأة يوما ولا الشكوى الزائدة من مجتمع ذكوري ،وسيكون مبشرا ومدخلا حقيقيا للإصلاح لو تخلت الاحزاب عن ريع النساء ،وقدمت نساء على رأس لوائح انتخابية محلية حتى تصبح المناصفة تحصيلا ديموقراطيا دالا ومعبرا كما الأمر في الشقيقة الصغرى تونس ،واذا كان الجميع متفقا على تمييز ايجابي للمرأة المغربية فليكن بإلزام الاحزاب بتقديم نساء على رأس لوائح انتخابية في نصف الدوائر الانتخابية بكل جهة من جهات المملكة ،فأجواء الحرية والانفتاح المغربية تغري جيدا اليوم المرأة المغربية لتتخلى عن خوفها الفطري من الشارع وتنزل إلى الميدان كمرشحة للمنصب الجماعي أو البرلماني ببرنامج واضح لحلحلة الاحتكار الرجالي لأصوات الهيئة الناخبة وتجريب حظها وقدرة اقناعها في معاقل الناخبين ومحاصرة الاساليب الغير المشروعة لمحترفي الانتخابات ،عوض الاقتصار على حضور المحاضرات والندوات النخبوية والموائد المستديرة والبرامج الاذاعية المصورة وخرجات الأحد الاستجمامية في شوارع الرباط ، وانتظار هدايا زعماء الأحزاب السياسية وحوارييهم بكل جهة ،فالتاريخ علمنا أن المقعد الممنوح لا يصنع مستقبلا ولا يضمن حقا .