بدأت تحتد النقاشات في الأوساط السياسية، وخاصة داخل القطاعات النسائية التابعة للهيئات الحزبية، حول قضية اللائحة النسائية والمطالبة بحق النساء في الثلث في انتظار المناصفة، وهي نقاشات تعكس مدى التحولات التي بدأت تعيشها الحياة السياسية في بلدنا في عهد الدستور الجديد، وتترجم الحراك النسائي في المجتمع. غير أن هذه النقاشات، في الواقع، إن كانت تعكس حقيقة التفاوت في التوازن بين الرجل والمرأة في العمل الحزبي والسياسي في بلادنا، فهي أيضا تعكس التأخر الكبير الذي حصل في الأداء الحزبي في المغرب منذ عقود، لأن الأحزاب السياسية لم تفكر أبدا في وضع استراتيجية فعالة لإدماج المرأة في هياكلها، وتركت قضية المرأة على الهامش، بدليل أن النساء لم يكنّ يشكلن جزءا بنيويا من التنظيم الحزبي الذي اكتفى بخلق قطاع بعيد عن التنظيم المركزي هو القطاع النسائي، إلى جانب قطاع الشباب وقطاع الطفولة، والنتيجة هي أن الأحزاب نفسها لم تكن تعترف بدور المرأة داخلها بالشكل الذي تطمح إليه النساء اليوم. وهذه حقيقة مرة، لكن المرارة الكبرى هي عندما تلجأ نساؤنا إلى طرح هذه القضايا خارج التنظيمات الحزبية بهدف شرعنة «الريع السياسي». وقد كان المطلوب من هؤلاء النساء أن ينزلن إلى الدوائر الانتخابية لمعرفة شعبيتهن لدى الناخب عوض النزول إلى الاحتجاج أمام البرلمان للظفر بمقاعده دون جهد. على المناضلات من نسائنا أن يعرفن أن المناصفة ليست هبة مجانية تمنح للمرأة في ظروف استثنائية، بقدر ما تتطلب العمل والحضور وخوض معركة داخل الأحزاب نفسها لتغيير العقليات.. المناصفة ليست إلا نوعا من المحاباة والمجاملة السياسية.. المناصفة تبدأ، أولا، من تعميق الديمقراطية الحزبية وفتح المجال أمام النساء اللواتي لا يجدن موقعا يدعمهن داخل الحزب. وكم هو مؤسف أيضا عندما يصبح « الريع السياسي» مطلبا شبابيا حتى إن عضوا في المكتب السياسي يخوض حاليا معركة مقدسة من أجل أن يكون على رأس لائحة شباب حزبه.