"لقيتُها ليتني ما كنتُ ألقاهَا..تمشِي وقدْ أثقل الإملاق ممشاها..أثوابها رثة والرجل حافية ..والدمعُ تذرفهُ في الخدِّ عيناهَا"، كان ذاكَ ما عنَّ للشاعر العراقِي معرُوف الرصافِي، وهو يصفُ حال المرأة، حينَ يفارقُ زوجها الحياة، لكأنَّ به لا يصفُ سوى حالةَ أرملةٍ زارتهَا هسبريس في بيتها المتداعِي، بإحدَى القرى النائية، في الحسيمة. الأرملة فضيلةُ المرابط، التي بلغتْ من العمر ثمانية وخمسين عامًا، وأنهكتها الأسقام المزمنة، تعيشُ في بيت متداعٍ، لا يحمِي سقفهُ منْ مطر الشتاء، ولا هو يقِي زمهرير الرِّيف، "أجدني مضطرة إلى السير ساعتين من الزمن كل يوم، كيْ أجلب قنينتي ماء، أقضِي بهما شؤُون البيت، ولقسوةِ البرد تتشققُ شفاهِي، وتتجمدُ يدايْ على طُول الطريق". لا تملك فضيلة منْ زادِ الدُّنيا سوى فرشًا رثَّة وبطانيات متسخة وحصيرًا، ترقدُ عليه في حجرةٍ من الطِين، متربة غير مبلطة، زيادةً على قنينتيْ غاز، تستضيءُ بإحداهمَا، وتطهُو ما تيسرَ من الطعام على الأخرى "لولا ما يجُود به المحسنُون ما وجدتُ ما أسدُّ به الرمق". دوار تكرتينْ التابع لجماعة زاوية سيدي عبد القادر، التابعة إداريًا لبني حذيفة في إقليمالحسيمة، غير موصُولٍ بالماء، ولا بالكهرباء، ولا يجرِي التقاطُ شبكة الهاتف فيها، إلا لمامًا لإجراء اتصال عابر. ولأنَّ فضيلة صارتْ بلا زوجٍ ولا بنين، لمْ تجدْ منْ يتكفلُ بها فيصحبُها إلى الطبيب، وقدْ تدهورتْ صحتها جراء العمر وصروف الزمن "وددتُ لوْ أن أحدًا يعتني بي، لكنْ ماذا عساني أفعل، أنا مضطرة إلى السير في الوهاد، منهكة ومريضة، كيْ لا أموت جوعًا وعطشًا"، تقول فضيلة. وإذَا ما عنَّ لفضيلة أنْ تقصد المستشفى العمومي في جماعة بني حذيفة، فإنها ترى لزوم قطعها كيلومتراتٍ طويلة، كي تصل إلى جماعة بني حذيفة، وهي التي تعاني كثيرًا لتبلغ السُّوق الأسبوعي بمشقة مرة في الأسبوع كيْ تبتاع بعض الأغراض". الدوار الذي تسكنه فضيلة ركنًا معزولا منه، هو الوحيد الذي لا يزالُ دون كهرباء، في الوقت الذِي يستعرُ الخلاف بين مستشارِي الجماعة، كما أنَّ لا طريق سالكة إلى بيتها. فضيلة التي تحسُّ أوجاعًا لا تدرِي سببها، غير أوجاع الفاقة، لا تملكُ هاتفًا ولا سبيل للاتصال بها، سوى عبر قصدِ عنوانها مباشرة "في دوار، في العنوان: دوار تكرتينْ التابع لجماعة زاوية سيدي عبد القادر، التابعة إداريًا لبني حذيفة في إقليمالحسيمة. ثمَّة وسيلة أخرى للاتصال بفضيلة وهي غير متاحة سوى يوميْ الثلاثاء والأربعاء، على الساعة العاشرة والنصف صباحا بأستاذٍ للتعليم الابتدائي، يدرسُ في منطقتها، وبوسعه التواصلُ معها على الرقم 0610303019.