ما تزال معركة شد الحبل بين نقابة موظفي السجون التابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، مستمرة مع إعلان الأخيرة رفضها لأي عمل نقابي داخل إدارتها، مبررة القرار ب"حساسية" القطاع وطابعه الأمني، فيما اتهمت نقابة الإسلاميين المندوب العام بتحويل السجون ل"ثكنات عسكريّة". وبدأت قصة الصراع حين راسلت النقابة الوطنية للأطر المشتركة بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، المندوبيّة التي يديرها محمد صالح التّامك، بشأن فتح حوار اجتماعي مع الموظفين محتجة على "انعدام حرية الانتماء النقابية بالمندوبية"، قبل أن ترفض المندوبية "أي حوار يكتسي طابعاً نقابيّاً"، مشيرة إلى أنها "لا تسمح لأقلية من الموظفين بالتشويش على التزام المندوبية بالحفاظ على الطابع الأمني لتدبير قطاع السجون". وما زاد من حِدة التوتر تقديمُ المندوبية العامة لمشروع مرسوم يرمي لتوحيد الإطار القانوني لموظفي قطاع السجون بالمغرب، قصد المصادقة عليه حكوميّا، ما دفع النقابة إلى المطالبة بسحبه، معتبرة، وفق رسالة تظلم توصلت هسبريس بنسخة منها، أن الخطوة ستتيح "التضييق على الحريات النقابية والمدنية والسياسية لفائدة هيئة الأطر المشتركة بين الوزارات العاملة بالمندوبية العامة". وكان عبد الله عطاش، منسق المجموعة البرلمانية للاتحاد الوطني للشغل بمجلس المستشارين، قد وجه قبل أشهر سؤالا كتابيا لرئيس الحكومة، حول "انعدام حرية الانتماء النقابية بالمندوبية وغياب الحوار الاجتماعي"، ردت عليه المندوبية، معتبرة أن قطاع السجون يتميز بطابعه "الأمني" و"شبه العسكري" ما تستحيل معه أي ممارسة نقابية. ووصفت النقابة ذاتها جواب المندوبي العام كونه "لم يخرج عن التوجه المعروف للمندوبية العامة الرافض موضوعيا لأي حوار مع النقابة"، مشيرة إلى أن الأمر يعكس محاولات المندوبية العامة ل"تحويل المؤسسات السجنية من مؤسسات للإصلاح وإعادة الإدماج إلى ثكنات عسكرية يسيطر عليها الهاجس الأمني". ويتهم المصدر النقابي ذاته المندوبية بالفشل في "فرض الإدماج على موظفي هيئة الأطر المشتركة بالقطاع" وذلك "عبر إغرائهم بطلب الإدماج بهيئة الحراسة والأمن للاستفادة من منحة التعويض عن الأخطار"، مضيفة أنها تحاول بذلك "التضييق على الحريات النقابية والمدنية والسياسية.. التي يضمنها دستور المملكة المغربية والقوانين الجاري بها العمل". مندوبية السجون تردّ من جهتها، سارعت المندوبية العامة لإدارة السجون إلى الرد على اتهامات نقابة "محمد يتيم"، بالقول إنها "تحرص دائما على فتح القنوات الإدارية للتواصل مع موظفيها"، على أن "أي توجه نقابي لموظفي وأعوان هذا القطاع الأمني، ولو كانت أقلية.. يتنافى مع المهام الحساسة التي أوكلها المشرع لموظفي القطاع". وقالت المندوبية إن قطاع السجون يتميز بطابعه شبه العسكري، حيث أن "الأغلبية الساحقة من موظفيه من حملة السلاح وتسند له مهام سرية تتمثل في توفير الانضباط والأمن العام بالمؤسسات السجنية"، مضيفة أنها عملت على إعداد مشروع مرسوم "يروم توحيد الإطار القانوني الذي يخضع له الموظفون العاملون بالقطاع". ويشير الرد ذاته إلى أن الهاجس الأمني يظل حاضرا في مختلف المهام المزاولة داخل السجون، حتى المهام التقنية "تكتسي طابعا أمنيا صرفا"، فيما سيتم "تمكين جميع الموظفين من الاستفادة من برامج التكوين.. من أجل استيعاب آليات التعامل مع مختلف الوضعيات المرتبطة بتدبير شؤون السجناء".