كانت الساعة تشير إلى الثالثة والنصف حين شرع أصدقاء المرحوم عموري مبارك يجتمعون بجنبات مسجد الحسن الثاني بتارودانت في انتظار صلاة العصر، حيث أقيمت بعدها صلاة الجنازة على الفنان الأمازيغي الذي ولد سنة 1951 بنواحي تارودانت وفارق الحياة قبل يومين بالدار البيضاء. قبل صلاة الجنازة بذات المسجد نبّه متحدث قرب الإمام إلى أن الطريق التي تفصل هذا المكان والدوار حيث سيدفن الفقيد، طريق معبدة وسالكة وكل من يرغب في حضور مراسيم الدفن سوى أن يُرافق المشيّعين. وطلب من المصلين أن يدعو للفقيد في سرهم بالمغفرة والرحمة.. سواء بالأمازيغية أو بالعربية. جموع من الفنانين الأمازيغ خاصة، من ممثلين ومغنيين، ورجال السياسة كرؤساء المجالس البلدية لكل من تيزنيتوتارودانت وأكادير ، مثقفون وعدد كبير من نشطاء الحركة الثقافية الذين جاءوا من كل فج عميق ليودّعوا رجلا متواضعا، عاش كبيرا ومات بأنفته وهو يصارع المرض الخبيث. الكل ردّد أَيْرْحَم ربّي دّا مْبارك"، الجميع عزّى والجميع تقبل التعازي، فالفقد وَاحد ومكانة الرجل في نفوس المعزّين ظهرت في تجندهم ليذهبوا خلفه ليُدفن في قرية نائية تبعد 16 كيلومترا عن مدينة تارودانت وهم يطبقون وصيته في حياته: "ادفنوني بمسقط رأسي بدوار إمزغان في مقبرة القرية". أغلب الذين رغبوا في تشييع جنازة عموري تركوا سيارتهم بدوار بوالعجلات جماعة أيت مخلوف وترجلوا مسافة لابأس بها ليصلوا دواره إمزغان (أو مزغالة) حيث يتواجد منزل مبارك عموري أين أسرته وزوجته تانيرت التي تستقبل العزاء. وبعد أن تم إدخال جثمان الفقيد لدقائق معدودة إلى بيته، والسماح لعائلته وزوجته بإلقاء نظرة أخيرة، حمل الصندوق الخشبي مشيّعا بعشرات القرويين من أبناء دواره، وعشرات الأصدقاء والفنانين والسياسيين، ليُوارى الثرى في مقبرة الدوار حيث ترقد جثامين أسلافه. تباعمرانت: أنا تلميذة لعمّوري وكانت فاطمة شاهو تباعمرانت أولى الشخصيات الفنية التي حضرت مراسيم دفن الفقيه عموري بتارودانت وقالت في تصريح لهسبريس بأن الفقيد " فنان متكامل؛ مثقف ومتمكن من لغات كثيرة، كالفرنسية والانجليزية والعربية وأنا سعيدة بأن أكون إحدى تلميذاته". نفس المتحدثة أضافت بأن عموري " قدم الشيء الكثير للأمازيغية رفقة علي صدقي أزايكو والمستاوي وغيرهم، رجل عاش عزيزا ومات عزيزا، حضرت يوم عرسه وها أنذا أحضر جنازته اليوم، اعترافا بما قدمه للأمازيغية وللفن الأمازيغي". أما المُمثل الأمازيغي الحسين بردواز فقد أشاد بدوره بالمرحوم في حديثه لهسبريس موردا أن "المغاربة جميعهم فقدوا مبارك العموري، وليس عائلته فقط، لأنه قدم الشيء الكثير، وهو من أوصل الأغنية الأمازيغية للعالمية وأعطاها شهرة كبيرة كفنان مجدّد". ونفس المتحدث زاد بأن " العموري لم يمت وإن وُرِيَ الثرى، فاسمه سيظل أبد الدهر تردده الألسن، لأن الفنان لا يموت".. بينما عبر فنانون كثر لهسبريس عن بالغ حزنهم لفراق رجل اشتغل بالأغنية الأمازيغية يترك رپيرطوارا مهما من الأغاني التي حفظتها الأجيال وردّدتها.