ما إنْ يرمقُك سائقُ سيَّارةِ الأجرة في البيضاء وسطَ الجلبة القائمة عندَ مدخل محطَّة القطَار الميناء، ممسكًا بحقيبة، حتَّى يبادرك بقوله: "المعرض؟!".. فإذَا أمنكَ سار للبحث عمَّنْ يكملان "الثالوث" ضمن الرحلة المقلّة صوب باحةٍ ال Office des foires et expositions، قبالة مسجد الحسن الثانِي، حيثُ يقام المعرضُ الدولِي للنشر والكتاب، الشهير اختصارا بتسمية SIEL، في دورته الحادِية والعشرين. عطلةُ نهاية الأسبوع حفزَت زوارًا كثرًا على ارتياد المعرض، الذِي حلَّتْ فلسطِين ضيفة شرفٍ عليه، هذا العام. صورتان بارزتان، رسمتا بالزيتُون، للزعيم الفلسطيني الرَّاحل، ياسر عرفات، والشاعر الفذِّ، محمُود درويش، زينتا مدخل الرِّواق الفلسطيني، وصبيَّة فلسطينيَّة، تتناولُ مدكًا ثمَّ تضعه على ثوب أبيض، لتسكب عصارة الحبات على خريطة فلسطين، والجمهورُ متحلقٌ يأخذُ من حولها الصُّور. ولئنْ كان كان المعرضُ موجهًا للكتاب في الأصل والنشر، فإنَّ الكاتب طه عدنان، يرى في حديثٍ لهسبريس، أَنَّ موعدًا ثقافيًّا كالمعرض الدولِي للكتاب بالبيضاء لا يمكن يرتهنُ بالبيع كما لوْ كان مجردَ سوق، بقدر ما يشكلُ فرصةً للوصل بين الكتاب والقراء، وفتح النقَاش في مختلف المناحِي. الوافدُون إلى المعرض يتحسرُون بمضضِ على اضمحلال حضور دولٍ كانتْ وازنةً في ما تقدم، مثل العراق وسُوريا اللتين أنهكهُمَا الحرب، فيما كان الغيابُ الأنجلُوساكسُوني باديًا، مع تركيز "دار أمريكا" على تقديم معلوماتٍ للطلبة المغاربة الراغبِين في متابعة دراساتهم بالولايات المتحدَة. عنْ الكتب التي يقبلُ عليها الزوَار، يقُول المدير الفنِّي في دار المعرفة، عادل مدكور، إنَّ طلبًا يكثرُ على الكتب القانونيَّة منْ قبل المختصِّين، فيما يضعفُ على الأدب "ثمَّة فتور نشعرُ به، هذه السَّنة حيث لا يزالُ الإقبال ضعيفًا". انصرافُ الزوار عنْ عددٍ من الأروقة، يوازيهُ إقبال كثيف على أروقة الكتب الدينيَّة التي تجذبُ جمهورًا واسعًا إليها، سواء إلى الرواق السعودِي، أوْ الرواق المصرِي، الأمر الذي غذَّى نقاشًا بين عددٍ من الزوار حول مؤشرات الاهتمام البادي على كتب "السلف"، سيما أنَّ وزير الثقافة الأسبق، محمد الأشعري، كان قدْ أبعد عددًا من ناشرِي الكتب الدينيَّة سنة 2007. طه عدنان يؤكدُ ضرورة شمل المعرض كافَّة الكتب سواء تعلق الأمر بكتب الأدب أوْ الدِّين أوْ الطبخ، "أهمُّ شيء في المعرض هُو التعدد، وللجمهُور إذْ ذاك أنْ يفرز الغثَّ من السمِين، لأنَّ لا أحد بإمكانه أنْ يصادر حقَّ زائر منْ الزوار في انتقاء ما يريد..ذاك الإفراز تلزمه مواكبة نقديَّة وإعلاميَّة". ونالت القضايا المجتمعيَّة في المغرب حظَّها من النقاش برواق المجلس الوطنِي لحقوق الإنسان، في جلسةٍ عن المرأة والمناصفة، حضرت إليها البطلة العالميَّة، نزهة بيدوان، مؤكدة فيها على قدرات المرأة المغربيَّة، وما بوسعها أنْ تصنع بإدراتها، سيما أنها أحرزتْ لقبين عالميَّينْ بعد فترةٍ قصيرة من إجرائها عمليَّتين جراحيَّتين. نزهة شددتْ على ضرورة مساهمة الرياضي في التأطير والعمل الإنسانِي. أمَّا أسعار الكتب، التي خالها الكثيرون أقلَّ مما هي عليه في المكتبات، فلمْ تكن مغريةً بالمعرض بحسب زوار استقتْ هسبريس آرائهم، وإنْ كانُوا يراهنُون على الأيَّام القادمة كيْ يخفض العارضون ثمن الكتب، على اعتبار أنَّ المعرض يشرعُ أبوابه أمام زوار "خير جليس للأنام" حتى الثالثْ والعشرينْ من فبراير الجارِي.