من الرباط: وجه مرصد العمل البرلماني المغربي انتقادات بالجملة للأداء البرلماني خلال الدورة الخريفية المنتهية، معتبرا الحصيلة يطبعها تراجع عدد من مؤشرات الانفتاح والشفافية البرلمانية. واعتبر المرصد في بلاغ صحفي تتوفر عليه هسبريس أن ذلك يمثل تراجعا عن روح الدستور و"ردّة "على الممارسات التي دشنتها المؤسسة التشريعية خلال الفترة الأولى لهذه الولاية، من خلال بعض المبادرات المرتبطة بالتفكير في مداخل إشراك المجتمع المدني في الحياة العامة المرتبطة بتتبع العملية التشريعية. وأكد مرصد العمل البرلماني المغربي أن مؤشرات الانفتاح على المجتمع المدني يطبعها ضعف وتردد وغياب التفاعل، كما سجل ما اعتبره استخفاف رئاسة البرلمان بمراسلات الجمعيات المدنية لحظة إيداعها بمكتب الضبط "حيث لا يتم تسليمها إشعار بالتوصل". كما تطرق المرصد لعلاقة المؤسسة التشريعية بالصحافة، مشددا على أن مساحات الانفتاح تتقلص بشكل تدريجي، و"تجسد ذلك بوضوح خلال مناقشة مشروع قانون المالية، بحيث لم يسمح للصحافيين بمتابعة مناقشة المشروع داخل اللجن المختصة في سابقة من نوعها، بل وتزايد التضييق على الصحافيين من أجل ولوج المؤسسة بشكل عام". البلاغ تحدث أيضا عن الموقعين الإلكترونيين للبرلمان،حيث أورد أن الطابع الإخباري والتواصلي مع البرلمانيين يهيمنان عليهما، ب"حيث لا يعكسان أي تفاعل أو انفتاح على آراء الزوار والمواطنين لمناقشة أداء المؤسسة التشريعية، وإشراك المواطنين والمواطنات في عملية الاستشارات الالكترونية حول العديد من مشاريع ومقترحات القوانين ذات الصلة بقضايا تهم الرأي العام". و سجل المرصد أن من بين الإجراءات الإيجابية التي اتخذها البرلمان لتعزيز شفافيته وحكامته، كشفه عن لائحة البرلمانيين المتغيبين، "إلاّ أن هذه المبادرة تحولت إلى فضيحة بعد أن تبين أن هناك مستشارين برلمانيين معتقلين في السجن نتيجة إدانتهما قضائيا، وأنهما كانا يتلقيان أجورهم، بل ومازالت أسمائهم تظهر ضمن لائحة البرلمانيين الغائبين، هذا في الوقت الذي يفترض فيه إسقاط العضوية عنهما احتراما للقانون". واعتبر مرصد العمل البرلماني أن من مؤشرات الحكامة، بدء لجنة مراقبة المالية العمومية في العمل، ومصادقتها على برنامجها السنوي الذي يهم قضايا مالية كبرى وآنية، مثل صندوق التجهيز الجماعي وصندوق التضامن الاجتماعي وغيرها. على المستوى التشريعي، اعتبرت الهيئة أنها الدورة تميزت بالمصادقة على مشروع قانون المالية 2015، في حين سجلت ما أسمته التراجع الحاصل في تفعيل جلسات مسائلة رئيس الحكومة "التي أصبحت تتعرض لتأجيلات مستمرة بشكل يمس بالتوازن بين المجلسين، وبتوازن العلاقات بين السلط بشكل عام". وأكد مرصد العمل البرلماني المغربي أن كسب رهانات دستور 2011 وتحديات التشريعات الدولية وأهداف برلمانات القرن ال21 لايمكن تحقيقها إلا عبر تعزيز الشفافية البرلمانية من خلال جعل البرلمان مفتوح أمام المواطنين وشفاف في إدارة أعماله عبر اتخاذ إجراءات علنية وتقديم معلومات مسبقة للرأي العام، وإتاحة الوثائق باللغات، وإتاحة مصادر المعرفة للعموم عبر تنويع مصادر الإعلام والمعرفة ووسائل التكنولوجيا الحديثة، مع دعوة الفرق النيابية الى التعجيل بوضع وتنزيل مشروع قانون الولوج الى المعلومة. وشدد المرصد على ضرورة جعل البرلمان مفتوح ومنخرط في دعم المشاركة السياسية من خلال الديمقراطية المباشرة والتثقيف السياسي عبر إشراك جمعيات المجتمع المدني ومنظمات الشباب، ومأسسة آليات التشاور والاستشارات، والالتزام بالحق العام في تقديم الالتماسات والمبادرات التشريعية، وتطوير منهجية الجلسات الأسبوعية عبر إحداث جلسة خاصة على غرار التجارب الدولية، وتقوية التأويل الديمقراطي للدستور بهدف تعزيز روحه وطابعه البرلماني. كما دعا المرصد إلى مواصلة مبادرة الكشف عن لائحة البرلمانيين المتغيبين "حتى تصير إجراء عاديا، وألا تكون إجراء موسميا، وأن يشمل هذا الإجراء جميع البرلمانيين الغائبين تفاديا لمنطق الانتقائية"، مع تفعيل الإجراء القانوني القاضي بالاقتطاع من أجور المتغيبين وتفعيل مسطرة إسقاط العضوية عن المستشارين البرلمانيين المعتقلين، والعودة إلى التأويل المرن للقانون في أفق وضع إصلاح عميق وشجاع من خلال فتح المؤسسة التشريعية ولجانها على ممثلي المجتمع المدني ووسائل الإعلام حتى لا تصبح المؤسسة منغلقة على محيطها، وتساهم في تقوية مؤشرات المشاركة السياسية