بين الفينة والأخرى، تنشر بعض المواقع وصفحات الفيسبوك أخبارًا عن وفاة فنان معيّن، تتكاثر التعاليق التي تترّحم على الراحل، ويتبادل الناشطون النبأ على أنه حقيقة، وبعد دقائق من حملة التعازي، يأتي الخبر اليقين بأن الراحل لم يرحل بعد، وأنه لا يزال على قيد الحياة، وبأن ما نُشر ليس سوى إشاعة، قد تكون الأسباب وراءها هي إشهار مواقع وصفحات والبحث عن قراء جدد والدفع ب"جرائد" إلى الأمام، حتى ولو كان الثمن هو بث الكذب والتلاعب بشعور الآخرين. من المتضرّرين مؤخرًا من هذا الكذب الإلكتروني، الممثل عبد القادر مطاع الذي تحدث بنبرة غضب عمّا وقع، وأن هذه الإشاعة كلّفته خمس ساعات من الاتصال من كل أنحاء العالم للتأكد من حقيقة موته، معربًا عن استيائه العميق من خلق مثل هذه الإشاعات التي تزرع الإحباط في نفوس الفنانين ومحبيهم، لا سيما وأنها المرة الرابعة التي يخلق فيها البعض كذبة وفاته، فضلًا عن أن هذا الخبر نشرته في آخر مرة مواقع إخبارية لها جمهورها قبل أن تعمد إلى حذفه في وقت لاحق. الممثل هشام تيكوتا قٌتل أكثر من مرة على أيادي خالقي الإشاعات، كما لو أن هناك رغبة من هؤلاء للإجهاز على تيكوتا قبل موعد رحيله المقدر، ولمدة أشهر، تناقل عدد من مستخدمي الشبكات الاجتماعية خبر وفاته متأثرًا بمرضه، إلّا أن الخبر لا يلبث أن يُنفى بتأكيدات أصدقائه وأقربائه، لدرجة أن هناك من لم يصدق خبر وفاته الحقيقية يوم 26 يناير الماضي، حتى بُث الخبر في القنوات العمومية. الممثل المراكشي عبد الجبار الوزير عانى بشكل كبير مع إشاعات وفاته، وتحوّلت عملية جراحية أجراها هذا الفنان إلى مرتع لأخبار رحيله، ورغم أن العملية كانت مؤلمة ببترها لساق الممثل، إلا أن ذلك لم يشفع للكثير من الصفحات الإلكترونية التي روّجت لهذه الأخبار الكاذبة، بشكل أجبر حسن نفالي، رئيس الائتلاف المغربي للثقافة والفنون، على الخروج للإعلام والتأكيد أن الممثل المراكشي لا يزال على قيد الحياة. فنان كوميدي آخر وُجد ميتًا في صفحات بعض المواقع الإلكترونية، هو عبد الرحيم التونسي المشهور بعبد الرؤوف، ورغم أن الخبر كان كاذبًا بعد ظهور الفنان في فيديو يتحدث فيه عن هذه الإشاعة، إلّا أن ما ساهم في خلق الجدل، هو وفاة ابن عمه، الحاج حمودة التونسي، واعتقاد الكثيرين أن "عبد الرؤوف" هو من رحل، خاصة مع العملية الجراحية التي أجراها عبد الرحيم على مستوى العنق في تلك الفترة، وحديث الإعلام عن تدهور في صحته. في مجالات الغناء، استوطنت إشاعات الموت أخبار الفنانة الحمداوية التي كانت تعاني من مرض شفيت منه فوجدت نفسها ميتة على صفحات الانترنت، بشكل جعلها تجيب على اتصالات العشرات من الفنانين والصحفيين، وتؤكد لهم بصوتها أنها حيّة ترزق، وأن هناك من استرزق بموتها مستغلًا مرضها وعمرها المتقدم وابتعادها بعض الشيء عن الأضواء في الآونة الأخيرة. إشاعات الموت لم تستثنِ حتى الشباب، فقد نقلت بعض المواقع خبر وفاة المغني سعد المجرد في حادث سير مروّع، والمصدر كان خبرًا على فيسبوك. غير أن ما اتضح فيما بعد، أكد أن الأمر يتعلّق باسترزاق حقيقي بحياة المغني، وأن هذا الخبر الذي أتى على شكل فيديو، لم يكن سوى فيروس استعان فيه أصحابه بصورة المغني كي ينشروه على أوسع نطاق، لا سيما مع شعبية سعد المجرد. قائمة ضحايا الإشاعات في أوساط الفانين لا تتوقف عند هذا الحد، فيوجد ضمنها أسماء أخرى رحلت فعلياً عن هذا العالم بعد ان اغتالتها الأخبار الكاذبة أكثر من مرة، كمحمد بنبراهيم وحسن مضياف، وأسماء أخرى لا تزال تعيش بيننا، أطال الله في عمرها، كمحمد الجم وسميرة بناني، بشكل صار يحتّم التفكير بشكل جدي في إيجاد حل قانوني ينهي هذا الاغتيال الإلكتروني، كي لا يصير الموت عنوانا للكذب في سبيل الرفع من نقرات الإعجاب وأعداد الزيارات.