حل أمس خوسي ماريا أزنار رئيس الوزراء الإسباني الأسبق ضيفا على جامعة يورك الكندية حيث ألقى محاضرة تحت عنوان : إسرائيل: العالم وأنتم. وركّز أزنار على البعد الإستراتيجي للحزب الشعبي الإسباني ووقوفه دوما من أجل حق إسرائيل في الوجود. نافيا الوجود الفلسطيني كشعب صاحب أرض وقضية. وتكمن المفارقة الغريبة في هذه المحاضرة في كون الإعلام الإسباني وظف صور أطفال ضحايا "هولوكوست غزة " حيث نسبها الإعلام اليميني الشعبي الإسباني لتدخل قوات الأمن المغربية من أجل تفكيك مخيم "إكديم إزيد" . فبعد اكتشاف حقيقة التمويه الإعلامي واعتذاره المحتشم لتوظيف صور أطفال غزة، يضع هذا الحزب نفسه في موقف حرج امام أصدقائه الإسرائليين هنا بأمريكا الشمالية، لأنه في سميائيات "رولن بارث" الصورة تاريخ ، الصورة لحظة حاسمة في تمرير خطاب يعجز فقهاء السياسة نسجه وحبكه. ويكمن الإحراج في كون استنكار الحزب الشعبي لصور أطفال غزة باعتبارها صور لأطفال مغاربة صحراويين وتنديده الصارخ لأطفال رُضع ملفوفين بضمادات ناتجة عن الأسلحة الفوسفورية التي استعملت آنذاك بغزة، إنما هو استنكار ضمني لمجزرة غزة. الصورة باعتبارها لغة مستوفاة لشروط الدال والمدلول، الخاضعة لقوانين تخلق عددا لا متناهيا من الجمل. وجب التطلع لنظم البنية التحتية للجملة. هكذا سيشرحها "تشومسكي". فكيف يتسنى لخوسي مريا ازنار أن يقنع الإسرائيلين بكندا وداخل جامعاتها بالإعتراف الواضح بهلوكوست غزة؟ كيف سيشرح صورة فتاتين تبكيان الصور بقنوات الحزب الشعبي الذي يدعم "حق إسرائيل في الوجود"؟ لقد اختلطت الحيل الإعلامية وأنجبت جنينا سياسيا صعب المراس. لقد وضع الحزب اليميني نفسه في موقف كان في غنى عنه، حين صرح الإمام الفاضل لقزابري أن هذا الحزب لايعرف جيدا المغاربة فهو على صواب. القراءة الثانية تكمن في تمادي الإعلام الجزائري نشر نفس الصور على الرغم من انكشافها للراي العام الدولي لسبب بسيط أن لا أحد يتتبع قنوات الأربعين جنرالا. [email protected]