الرشوة من ''أوبئة'' العصر..وبين الكبار أنفسهم رشاوى يسمونها ''الأخذ والعطاء''.. وبالمنطق السياسي ''تبادل المصالح''..وأصبحت الرشوة ''قطاعا'' تنشط فيه جيوش من الوسطاء، خارج القانون.. وتحولت الرشوة إلى سلاح لتفكيك دول بأكملها..وما زال المسؤولون يغضون الطرف.. هم أيضا إما مرتشون، أو أغبياء، أو ببساطة لا يبصرون.. أولاء يدفعون بالعالم إلى الجحيم، وكأن الرشوة لا تنتج ضحايا.. مجانين يغضون الطرف عن ضحايا الرشوة، وهم بشر كثير على سطح هذا الكوكب..سلوكات منحرفة، ومنها الرشاوى الدولية، تستولي على خيرات المحيطات، وعلى الغابات، وغيرها، وتحول كوكبنا إلى حالة غير طبيعية إنسانيا وبيئيا وتنمويا وعلى كل المستويات المصيرية..فما العمل لحماية الحياة من أبالسة ''الأخذ والعطاء'' الذين يستولون على ما في الأرض؟ ما العمل وبيئتنا الطبيعية في خطر؟ فالغابات تتقلص.. والبحار تتلوث.. وغلافنا الجوي ينتج الاحتباس الحراري المتزايد.. احتباس قد يصل في عقود قليلة إلى زيادة 4 درجات فوق المستوى البشري المعتاد.. وهذا يعني سخونة الطقس بشكل لا يستطيع الإنسان أن يتحمله، ويعني طوفان القطب الشمالي على العالم بأسره..والأمر لا يخص تغير المناخ وحده، هناك أيضا فقدان التنوع البيولوجي الضروري للحياة، وكذا حموضة المحيطات، والتلوث الكيميائي، والاستغلال المفرط لثروات أنتجتها الأرض خلال ملايير من السنوات ويستنفدها البشر في عشرات السنين..ومن المستفيد؟ هي الشركات العملاقة.. في الغالب خارج القانون.. بطرق منعرجة.. ملتوية.. إلى أين نحن ذاهبون؟ حيوانات تنقرض تباعا، نباتات تختفي باقتلاع الأشجار، وهذا الواقع وغيره يؤدي إلى زعزعة استقرار التفاعلات بين البشر والمحيطات والغلاف الجوي، وبالتالي زعزعة استقرار كوكب الأرض..وغض الطرف عن كل هذا ، من يتحمل مسؤوليته؟ أهي الأمم المتحدة؟ أم معها الدول الكبرى؟ أم أيضا مسؤولونا نحن الدول الصغيرة؟ أم مع كل هؤلاء نحن جميعا بشر الكوكب الأزرق؟ كلنا مسؤولون..منخرطون في الرشوة والغباوة واللانظر: ''صم بكم عمي...''..بطريقة أو أخرى نحن منزلقون إلى مآل واحد..كلنا مسؤولون عن مصيرنا المشترك.. السياسيون، البرلمانيون، السلطات، المجتمع المدني، وغير هذه وتلك.. أليس من واجبنا أن نغير سلوكنا الأهوج الأعوج الذي يسيء لنا جميعا، بدون استثناء؟ أليست المخاطر تعنينا كلنا، من الكبير فينا إلى الصغير؟ نستطيع إذا غيرنا سلوكنا تجاه أمنا الأرض، مع اعتبار الإنسان محورا لكل سياساتنا العالمية والمحلية، أن نستعيد اخضرار الطبيعة، ونقاء المياه، وصفاء الهواء، وأن نشتغل معا من أجل حياة يعمها السلام والمسؤولية والاحترام المتبادل، على أساس كون الأديان والفلسفات جاءت لخدمة الإنسان، أي إنسان، ومن خلاله خدمة مكونات الحياة الطبيعية..والإرادة يمكن تجسيدها على أرض الواقع، لا في شعارات وخيالات وكلام في كلام..والإرادة يجب ألا تستثني النظام الاقتصادي العالمي الذي أصبح هو أيضا معرضا للانهيار.. والحل بأيدينا، وهو اقتصاد يدور حول الإنسان، وليس فقط حول كمشة من الراشين والمرتشين والأغبياء ومن لا يبصرون.. وقد أوصلنا الاقتصاد العالمي إلى كون 67 ملياردير يملكون أكثر مما يملك نصف سكان الكرة الأرضية..ويملكون التكنولوجيا والخبرات وكل ما يحتاجون لاستغلال البشر في مختلف القارات..ولهم قنوات لتمرير ''فنون'' التضليل.. ''فنون'' تدور حول العنف، والجنس، والمال، والخرافة، والأوهام، ونشر ثقافة الصناديق السوداء، والاستثمار في الدين، وغير ذلك...وتبقى هذه ''الفنون'' مجرد أدوات شكلية تضرب الإنسانية في الصميم.. هي تخلق ''قدوة'' مصلحية، تدافع بها عن أخلاقيات سلبية، فتجعل الظالم مظلوما، والمظلوم ظالما.. هذه ''قيم'' ما هي بقيم.. هي ابتكار لنجوميات ما هي في عمقها إلا ميكروبات.. بالونات تظهر بسرعة، ويمكن لمجانين العالم أن ينهوها بسرعة.. هي تخدم مصالح آنية.. ثم تختفي ليأخذ مكانها وصوليون آخرون..ما أكثر هذا في عصر السفالة والانتهازية.. والمصالح المتبادلة..ومن هنا تأتي المخاطر التي تسعى للقضاء على الإنسان وبيئة الإنسان..أما آن الأوان أن يدرك من يسيرون العالم، أنهم يدفعون بنا جميعا إلى حافة اللاعودة؟أما آن الأوان أن يتحرك البشر، بكل الفئات والتلاوين، لحماية الكرة الأرضية؟ سيناريوهات وضعها علماء..ومنها سيناريو لما قد يحصل خلال العقود القليلة القادمة، في حالة استمرار العبث الدولي والقاري والمحلي بكوكب الأرض..السيناريو يتصور أن المليارديرات العالمية، وهي كمشة من البشر، قررت حماية نفسها من المخاطر التي آلت إليها الحياة على كوكب الأرض..اختارت بضعة آلاف شخص، من أقرب الناس، ومعهم أطباء ومهندسون وفئات ذات تخصصات مختلفة، وأيضا خدم وحشم.. فأنشأت مدينة تحت الأرض، وفيها مؤونة 10 سنوات.. وفي لحظة الصفر، نزلوا جميعا إلى مدينتهم في عمق الأرض.. ومكثوا هناك.. عندهم وسائل الترفيه، والمؤونة، وكل ما يحتاجون.. ومع مرور الشهور، بدأوا يشعرون أنهم في سجن حقيقي.. وصاروا يشتاقون إلى الشمس والهواء والماء وبسمة الحياة.. فالحياة تحت الأرض ليست هي الحياة فوق الأرض..اقتنعوا أن الحياة ليست لهم وحدهم.. فما العمل؟كل يوم يزداد احتياجهم إلى سطح الأرض.. لكن الخبراء يعلمونهم أن ليست على الأرض لا كائنات ولا نباتات ولا هواء ولا ماء ولا أغذية.. يستحيل العيش على سطح الأرض..وصاروا يتمنون أن يكون بإمكانهم إعادة النظر في سلوكاتهم السابقة، بحيث يعودون إلى إنسانية السلوك.. والحياة الطبيعية.. هذا السيناريو يقول: ''ليست عندنا نهاية.. النهاية أنتم تصوروها''.. [email protected]