هي مسيرة تاريخية، بكل المقاييس تلك التي احتضنتها الدارالبيضاء قلعة الكفاح المغربي الشامخة ضد الاستعمار، اليوم الاحد، حيث لبى حوالي ثلاثة ملايين شخص نداء الوطن للمشاركة في مسيرة شعبية عفوية حاشدة دفاعا عن القضية الوطنية الأولى ووقوفا في وجه كل المعادين للسيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة. وقد تصدر الصفوف الامامية للمسيرة زعماء سياسيون وقادة أحزاب من مختلف الانتماءات السياسية وممثلو مركزيات نقابية وفعاليات مدنية وحقوقية في تعبير منهم عن انخراط كل المكونات السياسية والنقابية والمجتمعية باختلاف مرجعياتها وانتماءاتها في الدفاع عن سيادة المغرب ووحدت الترابية . فبعد المعركة التي خاضها المغرب بعد اختطاف مصطفى سلمى ولد سيدي مولود والدفاع عن حقه في التعبير الحر عن مواقفه المؤيدة لمبادرة الحكم الذاتي، وبعد أحداث العيون وما أبانت عنه وسائل الإعلام الإسبانية من انحياز تام للأطراف المعادية للمصالح العليا للمملكة وترويجها لمغالطات كان الهدف من ورائها تزييف الحقائق، تأتي مسيرة اليوم كمحطة اخرى من مسار نضالي طويل في التصدي لكل المحاولات الرامية إلى جعل المغرب يرضخ لابتزازات الانفصاليين ومن يقف وراءهم من قوى معادية. لقد كانت مسيرة اليوم حاشدة الى حد أن أعدادا كبيرة من المواطنين لم تستطع الالتحاق بالركب بعد انسداد كل الطرق المؤدية إلى مكان المسيرة والتي غصت بالمشاركين الذين جاؤوا من مختلف جهات المملكة للتعبير عن تشبثهم بالوحدة الترابية للمملكة والتنديد بمؤامرات الاوساط الاسبانية المعادية للمغرب . ولم تثن الظروف الجوية السيئة التي تخيم على عدد من مناطق المملكة آلاف المواطنين المغاربة من التوجه إلى الدارالبيضاء، إذ على طول الطريق السيار والطرق المتوجهة نحو الدارالبيضاء، اصطفت مختلف أنواع وسائل النقل في انتظار دورها للعبور وركابها كلهم حماس للالتحاق بمن سبقوهم والمساهمة بدورهم في رفع الصوت المغربي الواحد المناهض لكل أنواع الاستغلال الشنيع للحقوق المشروعة والعادلة. وكما هي عادة المغاربة في مثل هذه المواقف الوطنية الحاسمة، اثبت الشعب المغربي بكل مكوناته، وفي مقدمته فعاليات الأقاليم الجنوبية للمملكة من منتخبين وأعيان قبائل وشيوخ تحديد الهوية وأعضاء المجلس الملكي للاستشاري للشؤون الصحراوية، حضوره القوي الذي يجسد تشبثه بالعروة الوثقى التي توحد بين كل أطيافه وولاءه للعرش العلوي المجيد وتجنده الدائم وراء الملك محمد السادس للدفاع عن حوزة الوطن ضد كل من سولت له نفسه التطاول على المقدسات . فملحمة اليوم جعلت المغاربة يسترجعون روح المسيرة الخضراء التي سطرت للعالم مشاهد من ملحمة أبرزت تلاحم الشعب المغربي وحرصه الاكيد على عدم التفريط في أي شبر من ارض الوطن مهما كان حجم التضحيات.