قرأت التحقيق الذي أنجزه الصحفي المقتدر طارق بلهندة، عن فضائح إمام مسجد دوار سيدي احميدة الموجود بالضاحية الجنوبية لسلاالجديدة. وذلك على متن هذه الجريدة المحترمة بتاريخ 27-1-2015م. فكان أن هالني ما أقدم عليه الإمام من مخالفات دينية وأخلاقية وقانونية وحتى سياسية. وبعد أن راجعت التحقيق بتمعن، وبعد أو وقفت على ردود القراء المتنوعة على مضامينه. أردت الاطلاع عن قرب على ما نسب إلى إمام أعرفه، لكوني قابلته لمرات عدة. فكان أن شرعت في استفهام بعض سكان المنطقة. وكان أن اتصلت مباشرة برجل وقور كريم محسن خدمة منه لدين الله، فأخبرني شخصيا بأن الإمام طلب منه مساعدة مالية لترميم ما لم يتم ترميمه بعد في المسحد. فذهب هذا المحسن إلى بائع مواد البناء الموجود محله في مدخل الدوار، فترك لديه مبلغ 2300 درهم، على أساس تقديم ما يقابلها من تلك المواد للقائمين على ترميم المسجد ودار الإمام ومرآب سيارته التي لا يقل ثمنها عن 140000 درهم. وهي من نوع ذات الدفع الرباعي. ولكن الإمام سارع إلى الاتصال ببائع المواد وأخبره أن المحسن المذكور أمره أن يأخذ منه المبلغ المشار إليه. فاستجاب بائع تلك المواد إلى طلبه، فمكنه من المال الذي أضافه الإمام إلى مداخيله المحرمة اللامشروعة. ولم ينته إلى علم المنفذين لعملية الترميم توصل الإمام بمال المحسن الذي لم يتابع القضية، بحكم أنه تصدق بما استطاع التصدق به، ظنا منه أن المشرفين على ترميم المسجد سوف يحضرون لأخذ مواد البناء كالعادة عند البائع الذي تعودوا شراءها عنده. ثم اتضح أن الإمام كذب على المتصدق الذي لم يعد يصلي خلفه صلاة اتلجمعة بعد فضحه! ثم إنه كذب على بائع مواد البناء، وكذب على المكلفين بالبناء. بصرف النظر عن أموال أخرى توصل بها من محسنين آخرين، كما أخبرنا أحد المواطنين الذين دأبوا على أداء صلاة الجمعة خلفه، إذ أنه لا يكف عن المطالبة بالمزيد من الإحسان، لتحويل المسجد إلى بناية لائقة من شأن الساكنة الإشادة بها كما يقول. ومن حسن حظي أنني شاهدت الإقرار الذي يحمل توقيع بائع مواد البناء، حيث إنه لم يترك للإمام أي مجال للإنكار. خاصة وأن بعضا من المعلقين على تقرير الصحفي طارق بلهندة، يحاول تفنيذ كل ما نسب إلى الإمام من مخالفات تطعن في دينه وفي مروءته وفي مصداقيته، إلى الحد الذي يتطلب فيه الأمر، لا مجرد فصله عن الإمامة، وإنما متابعته حتى يرد على كل مخالفاته المشينة الواردة في التحقيق الصحفي الناجح القائم على براهين قوية، لا على تخمينات أو افتراضات زائفة. وبما أن سعي الإمام صاحب الفضائح، إلى جمع مبالغ طائلة عن طريق ركوب متن الحرام المبين، فإنه قد جعل من ضمن اختياراته ممارسة النهب والاحتيال. مما يعني عندنا غياب الحس الديني والأخلاقي وحتى القانوني عنده. لقد قابلت الشاب الذي قدم شكاية ضد إمام المسجد إلى المندوب الجهوي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالرباط، وتحدثت إليه، واسمه صلاح بنعيسى، من موالد تونس بتاريخ 22/8/1991م، من أبوين هما محمد بنعيسى تونسي الأصل، وخديجة السكوني مغربية الأصل من مواليد 24 غشت 1953م بسلا القديمة. قال لي يصف ما جرى بين الإمام النصاب وبين والدته: كان والدي رحمه الله يعاني من ألم مزمن بعد مدة من دخول مسمار في رأسه، مما جعله يواظب على زيارة الأطباء الذين عجزوا عن معالجته. وقيل لوالدتي إن الأمر يتعلق بمس من الجن أصابه، خاصة بعد أن باتت الغيبوبة تصيبه من حين إلى آخر. فتم توجيهها إلى من يمارسون الرقى والتمائم والتولة. فلم يكن منها غير الحضور إلى المغرب، دون علم منا نحن أولادها بما حضرت من أجله إليه. وبما أن أفرادا من عائلتنا يقيمون بقبيلة احصين عمالة سلاالجديدة، فقد دلها بعضهم على الإمام المذكور. فكان أن قابلته ووعدها بعلاج زوجها بعد أن وصفت له حاله. وكان أن عرض عليها شروطا من ضمنها أن يحضر إلى تونس، وأن تتولى دفع ثمن التذكرة ذهابا وإيابا، وأن تقدم له مقابل علاجه لوالدي أجرا لم يحدده. وكان أن عادت إلى تونس رفقة الإمام الطبيب المعالج المدعي بأنه يصرع الجن. ولم يضجر والدي لحضوره أملا منه في التخلص مما يعانيه. وبقي الإمام في ضيافتنا لمدة أسبوعين. ولما عاين والدي زعم أن جنا يسكن ذاته بفعل السحر الذي سلطه عليه بعض الحساد من الجيران. أما علاجه – كما قال الإمام المحتال – فمرتبط باستعمال وصفات فعالة مجربة من جملتها بعض الأعشاب، وبعض البخور التي لا توجد إلا بالمغرب. وأن عليه أن يسافر لإحضارها، مخبرا إياها بأن ثمنها غال جدا، وأنه لا يستطيع دفعه من جيبه، فأبدت والدتي استعدادها لتحمله مهما يكن قدره. فكان أن طلب منها نقدا مبلغه 35000 درهم. فمكنته من المبلغ المطلوب، بصرف النظر عن ثمن تذكرتي الذهاب والإياب اللتين أدتهما من جيبها. وغادر تونس على أساس أن يعود في حدود 15 يوما. لكنه لم يعد، وكان أن توفي والدي بعد ذلك، وكان أن حضرت إلى المغرب للإقامة عند خالي بوعبيد لبعض الوقت، وكان أن سمعنا بأن ساكنة سيدي احميدة يشتكون من الممارسات المشينة للإمام المذكور، ووجدتها فرصة للإدلاء بشهادتي بخصوص تصرفاته من جهة، وللعمل على مقاضاته من جهة ثانية. وأنا الآن أطالب من المحسنين مساعدتي للحصول على ما تم للإمام المشعوذ نهبه من والدتي، ومعي وكالتها لتولي كل ما يخصها بالمغرب. وحين وصل إلى علم الإمام الظالم بأن ولد من تعرضت للنصب والاحتيال على يديه، موجود غير بعيد عنه، حاول الاتصال به عن طريق بعض أعوانه الذين طلبوا من الإبن المشتكي التنازل عن شكايته مقابل أن يدفع له الإمام نفس المبلغ الذي أخذه من والدته وزيادة. ثم إنني أخبرت الولد بأن مصالحته مع الإمام نيابة عن والدته هي من جملة الحجج ضد الإمام، لأنه حينها سيكون كمعترف بفعلته. والمسألة الآن لم تجد بعد طريقها إلى الحل، مع أنها لا تنطوي فقط على ما قدمناه موجزين، وإنما تنطوي كذلك على مخالفات غيرها، كسفره لنفس الغاية إلى مصر وبعدها إلى ليبيا. مع التأكيد على أن صديقا له حاملا لكتاب الله، طلب منه – وهو مسافر إلى مصر – أن يصلي صلاة الجمعة مرتين نيابة عنه ريثما يعود. وهذا الذي ناب عنه في الصلاة بالناس، مستعد للإدلاء بشهادته. كما أنه مستعد ليشهد بأنه رآه أكثر من مرة يصلي بلا وضوء، وأنه على علم بأنه لا يقوم بغسل الميت، وإنما يصب عليه الماء صبا بحجة أنه لا يصلي. وبين أيدينا كذلك شهادة من مواطن كان الإمام المشعوذ سببا في طلاق زوجته منه، مع أنهما رزقا بولد واحد هو الآن في الحادية عشرة من عمره. وقد أضاف إلى زلاته استغلال مناسبات إقامة الولائم، ليكيل الثناء العاطر لرئيس مجلس المقاطعة مدعيا بأنه صاحب المبادرات الطيبة التي تخدم المواطنين، خاصة وأن الانتخابات على الأبواب؟ وأن الرئيس الذي يدعو له ويشيد به، مسك برئاسة مجلس المقاطعة لسنوات طوال! ومع ذلك هو في واد ومصالح من انتخبوه في واد آخر. إضافة إلى أشياء أخرى نستحيي من ذكرها! خاصة عندما ينفرد بمن يزورهن في بيوتهن أو يزرنه هو في بيته، والحال أن الدين كما نعلم يحرم انفراد أي رجل بأية امرأة أجنبية غير زوجته!!! أخيرا لمعرفة خلاصة ما دار ويدور حول الإمام، نؤكد بأنه يمارس الرقى والتمائم والتولة. وهذا الثالوث كما ورد في الحديث النبوي الشريف شرك. فإن كانت الرقى جائزة لدى العلماء إن تمت بالقرآن وأسماء الله وصفاته، فإنها من ضمن الشرك إن تمت بغيرها. أما التمائم التي تعني كتابة الأحجبة وتعليقها في الأعناق أو ربطها بإحدى الكتفين، فشرك صريح لكون صاحبها (المشعوذ والمستفيد منها) يعتقد أن لها تأثيرا في النفع والضر من دون الله. وما قيل عنها يقال عن التولة التي يستخدم فيها البخور والاستعانة بالنجوم والتذرع بأنواع من الذبائح، وادعاء الاطلاع على ما حدث وما سوف يحدث!!!